بعض الطرق المساعدة للعناية بالعلم الشرعي الذي يعالج الانحرافات:
إن مما يساعد في نشر العلم، وقمع الجهل المتسبب في الانحرافات العقدية وغيرها أمور منها:
أولا: إنشاء حلقات علمية ودعوية، يدعى العلماء الجهابذة والدعاة المثَقّفون من أعيان المنطقة وخارجها، لإلقاء محاضرات علمية، يحذّرون فيها عن المخاطر التي تواجه الأمة الإسلامية والشعب المسلم، ويبيّنون فيها أساليب الكفار والمنحرفين، لتضليل الناس واصطياد المسلمين في شبكات التنصير والعلمنة وغيرها من الأفكار الهدامة للدين والقيم، كما يبيَّنون فيها أضرار الابتداع ومنافع الاتباع، ووسائل الشرك والانحراف، وطرق المعالجة حسب الإمكانيات المتوفرة، ويحذّرون فيها من التشبه بالكفار في عقائدهم وعاداتهم وعباداتهم، والمشاركة في محافلهم الدعوية التي يُرتّبونها بأسماء مختلفة وتحت شعارات براقة، حتى لا ينخدع بهم المسلمون، وأن لا يقع أحد ضحية لهم.
ثانيا: تكثيف المواد الدينية، من القرآن والحديث والعقائد والفقه وغيرها، في المدارس والمعاهد والجامعات العصرية -الحكومية منها والأهلية- وأن يُدرّس للطلاب إلى جانب المواد التخصصية، موادٌ دينية لتحصّنهم من الأفكار الهدامة للدين والقيم والأخلاق، وأن يلقى للطلاب محاضرات علمية في برامج النشاط تحذّر ويبيّن فيها المخاطر المواجهة للشعوب المسلمة، كما يبيَّن فيها وسائل الشرك والانحراف وأضرارها، وطرق معالجتها، وما يجب على المسلم تجاه هذه الأمور.
ثالثا: تدريس مادة المذاهب الفكرية المعاصرة التي تعادي الإسلام ومبادئه، في المدارس الدينية والعصرية، الأهلية منها والحكومية، وهذه المادة تبّين مكائد المذاهب الهدامة، ووسائلها ومجال انتشارها كما تبين موقف الإسلام من هذه المذاهب.
رابعا: إلحاق الأولاد بالمدارس التي تنهج منهج السلف الصالح في التعليم والتربية؛ لينشأ النشء الجديد محباً للتوحيد والإصلاح، ومبغضا للانحراف والفساد، وبالتالي يقوم الطالب أثناء التعليم والتربية وكذلك بعده، على إنكار المنكر والأمر بالمعروف حسب الإمكانيات المتوفرة له، في البيت والقرية والمجتمع بأكمله.
خامسا: تأليف الكتب وترجمتها إلى اللغات المحلية السائدة في المنطقة، وخاصة الكتب التي تهتم بمعالجة الانحرافات والتحذير من البدع والرد على أهلها، وكذا نشر المطويات التي تختصر الموضوع، وتجعله في متناول الأيدي، وتسهل الإطلاع على ما يهدّد الأمة بالانحرافات، ومعرفة أسبابها ووسائلها ونتائجها المترتبة عليها.
سادسا: نشر الأشرطة المسجلة فيها خطب العلماء الربانيين، وكلمات الدعاة المصلحين، ومحاضرات المثقفين الإسلاميين، والندوات العلمية والإصلاحية، وغير ذلك مما له الصلة بإصلاح المجتمع ونشر العلم، والتحذير من البدع والانحرافات، وكشف خطط ومكائد الأعداء من اليهود والنصارى وغيرهم ممن يتربصون بالمسلمين الدوائر، فالشريط الإسلامي هو الداعي الناطق يدعو إلى إصلاح الفساد وقمع الانحراف، ويرافق المسلم في البيت، والمكتب، والمحل التجاري، والسيارة وغيرها، ويوجِّهُ المتعلمَ والعالمَ وغيرَهما من الخواص والعوام، إلى الصلاح والإصلاح.
وهكذا نستطيع عن طريق العناية بالعلم الشرعي، معالجة كثير من الانحرافات عموما وما يتعلق منها بالتوحيد خصوصا وما يتعلق منها بتوحيد العبادة بالأخص، وهي لا تنحصر في هذا القدر، بل هناك طرق ووسائل عديدة، لكنني اكتفيت بهذا الطرق المذكورة لأنني وجدها أهمها. والله أعلم.
الموضوع مأخوذ من كتاب موقف الإسلام من الانحرافات المتعلقة بتوحيد العبادة. تأليف أبي سعيد عبد الرزاق بن محمد بشر (ج1 ص:171-173)