منتدى السعادتين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زائري العزيز اذا كانت هذه اول زيارة لك فتفضل بالتسجيل معنا لنستفيد منك وتستفيد منا
وشكرا

مع تحيات
سعيد الله بشرزو
منتدى السعادتين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زائري العزيز اذا كانت هذه اول زيارة لك فتفضل بالتسجيل معنا لنستفيد منك وتستفيد منا
وشكرا

مع تحيات
سعيد الله بشرزو
منتدى السعادتين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى السعادتين

(سعادة الدنيا والآخرة)
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الانحرافات المتعلقة بالحلف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو سعيد بشرزي

أبو سعيد بشرزي


ذكر

عدد المساهمات : 80
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 25/05/2011

الانحرافات المتعلقة بالحلف Empty
مُساهمةموضوع: الانحرافات المتعلقة بالحلف   الانحرافات المتعلقة بالحلف Icon_minitimeالإثنين 01 أبريل 2013, 8:48 am

المبحث الثاني
الانحرافات المتعلقة بالحلف
يجب أن يكون الحلف باسم الله ، أو صفة من صفاته، إذا احتاج الأمر إلى الحلف، لكن بعض الناس يحلفون بغير الله ، ويتمسكون بفتاوى بعض مشايخهم في جواز الحلف بغير الله كالحلف بالولي، أو القبور، أو المساجد، أو المشايخ ونحوها، حتى وصل الأمر ببعضهم في تعظيم غير الله، أنه إذا طُلِب منه أن يحلف بالله  يكون مستعدا أن يحلف به -وإن كان كاذبا وغير محق فيما يدّعي- بينما لا يحلف بالولي، والمقبور إذا طُلب منه ذلك -ولو كان صادقا ومحقا في دعواه، ومنهم من يتجرأ على الإقسام على الله بالأولياء والمقبورين، بحجة أنهم أولياء الله ومعظمون عند الله ، فالناس في مجال الحلف بغير الله على نوعين من الانحراف:
الانحراف الأول: الحلف بغير الله.
يغلو بعض من ينتسب إلى العلم في تعظيم الأولياء والمشايخ تعظيما يوصلهم إلى حدّ الفتوى بجواز الحلف بهم من دون الله  ويؤولون أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم لتقرير ذلك.
أورد أحدهم سؤالا: ((ما حكم الحلف بغير الله ؟[ثم أجاب بقوله]: اختلف العلماء في الحلف بمن له حرمة كنبيٍّ، ووليٍّ ونحوهما، فقال بعضهم: مكروه، وقال الآخرون: حرام، والمشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل جواز اليمين برسول الله، ولزوم الحنث بمخالفته؛ لأن ذلك أحد ركني الشهادة، ولم يقل أحد من العلماء: إن الحلف بغير الله تعالى كفر( )[1]، إلا إن قصد الحالف تعظيم المحلوف به كتعظيم الله، ولا يتعاطى ذلك أحد من أهل الإسلام، قالوا: وعلى ذلك حمل ما ورد في الخبر: ((من حلف بغير الله فقد أشرك))( ) [2]اهـ( )[3].
وبسبب ذاك الفتوى يتجرأ بعض الناس بالحلف بغير الله  من المعظمين كالملائكة والأنبياء، والأولياء، والكعبة والمساجد وغيرها، والذين يحلفون بغير الله  أكثرهم من الكهنة والعرافين، وذلك للاستعانة بالجن والشياطين في دعواهم علم الغيب، وزعمهم حل مشاكل مرتاديهم، فيحلفون بغير الله شفاهة، أو يكتبونها في التمائم كتابةً، كقول بعضهم: ((أقسمت عليكم يا جبريل، (بحق اجهرط( )[4])، أقسمت عليكم يا دردائيل(3)[3]، أقسمت عليكم يا ميكائيل (بحق اجهرط) أقسمت عليكم يا رفتمائيل(3)[3])) اهـ( )[5].
وقال البوصيري: أقسمت بالقمر المُنْشَقِّ إنَّ له *** من قَلْبِهِ نِسْبَةً مبرورَةَ القسمِ( )[6].
هذه نماذج من أقوال من ينتسب منهم إلى العلم الشرعي، أما عوامهم الذين لا معرفة لهم بالعلوم الشرعية -ولو كانوا أعلم الناس في غيرها- فحدث عنهم ولا حرج، هم يحلفون بالآباء والأجداد، والمساجد والمحاريب، وشيخ الطريقة الذي يسمونه(پـير صيب) وقد يبلغ بهم تعظيمهم إلى حد أنهم يحلفون برأسه أو لحيته، أو ردائه أو عمامته، أو نعله أو حذائه ونحو ذلك مما يعظمونه، ويغلون فيه.

المبحث الثالث
موقف الإسلام من الانحرافات المتعلقة بالحلف
تمهيد:
ورد النهي عن الحلف بغير الله في نصوص كثيرة منها: حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- عن رسول الله : أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وعمر  يحلف بأبيه فناداهم رسول الله : ((ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت))( )[7]، وقوله  : ((من حلف بغير الله، فقد كفر، أو أشرك))( )[8].
وورد في بعض الأحاديث أن النبي  قال في الذي جاءه وسأله عما يجب عليه، فذكر له الصلوات الخمس، وصيام شهر رمضان، والزكاة، فقال هل عليّ غيرها؟ فقال النبي : ((لا إلا أن تطوع)) فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله : ((أفلح وأبيه إن صدق، أو دخل الجنة وأبيه إن صدق))( )[9].
وفي حديث آخر جاء رجل إلى النبي  وسأله عن أحق الناس بحسن صحبته، فقال: ((أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((أمك)).قال: ثم من؟ قال: ((أمك)).قال: ثم من؟ قال: ((ثم أبوك)) وفي رواية، قال يعنى النبي : ((نعم وأبيك! لَتُنَبَّأَنَّ))( )[10].
وسئل النبي  أي الصدقة أعظم أجراً؟ فقال: ((أما وأبيك لتُنَبِأَنَّه، أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل البقاء...))( )[11].
فمن أجل ورود الأحاديث بالنهي عن الحلف بغير الله، وورود بعض الألفاظ عن النبي  التي تدل على أنه  حلف بغير الله، اختلفت مسالك العلماء في التوفيق بين هذه الأحاديث التي يتوهم تعارضها. فمن العلماء من جمع بين الروايات المختلفة، ومنهم من قال بنسخ الأحاديث التي فيها الحلف بغير الله، ومنهم من رجح روايات النهي عن الحلف بغير الله على الروايات التي ورد فيها ألفاظ الحلف بغير الله( )[12].
والذي يظهر -والله أعلم- أن أرجح هذه المسالك مسلك الترجيح، وذلك لأن الروايات التي وردت فيها ألفاظ الحلف بغير الله في صحيح مسلم كما تقدم آنفا، وقد وردت تلك الأحاديث في غيره، وليس فيها ألفاظ الحلف بغير الله، فقد ورد حديث الرجل الذي سأل عما يجب عليه، في صحيح البخاري في عدة مواضع وليس في موضع منها الحلف بغير الله وإنما فيه ((أفلح إن صدق)) و((أو دخل الجنة إن صدق ( )[13].
وأورده ابن عبد البر( )[14]في الاستذكار بلفظ: ((أفلح والله إن صدق، أو دخل الجنة والله إن صدق))( )[15].
وذكر الإمام مسلم -نفسه- قبل إيراد الروايات التي فيها ألفاظ الحلف بغير الله، روايات بسند أقوى من هذا السند الذي فيه ألفاظ الحلف بغير الله وليس فيها ألفاظ الحلف، وقد قال -رحمه الله- في مقدمة كتابه: ((أنَّا نَعْمُدُ إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رسول الله ، فنَقْسمها على ثلاثة أقسامٍ وثلاث طبقات من الناس:...
فأما القسم الأول: فإنَّا نتوخَّى أن نُقَدِّم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها، وأنقى من أن يكون ناقلوها أهل استقامةٍ في الحديث، وإتقان لِما نَقَلوا، لم يوجد في روايتهم اختلافٌ شديدٌ، ولا تخليطٌ فاحشٌ، كما قد عثر على كثير من المحدِّثِينَ، وبان ذلك في حديثهم، فإذا نحن تَقَصَّيْنَا أخبار هذا الصنف من الناس، أتبعناها أخباراً يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان، كالصِّنف المتقدم قبلهم على أنهم، وإن كانوا فيما وصفنا دونهم، فإن اسم السّتْرِ والصدق وتعاطي العِلْمِ يشملهم...
فأما ما كان منها عند قوم هم عند أهل الحديث متهمون أو عند الأكثر منهم، فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم...)) ( )[16].
فعلى هذا الكلام للإمام مسلم -رحمه الله- نستطيع أن نقول: إن الأحاديث التي فيها ألفاظ الحلف بغير الله، كلها من الذين وَصَفهم الإمام مسلم بالطبقة الثانية، لأن الأحاديث الثلاثة التي ورد فيها ألفاظ الحلف بغير الله كلها جاء بها الإمام مسلم -رحمه الله- بعد الأحاديث التي ليس فيها ألفاظ الحلف بغير الله، فتكون الأحاديث التي ليس فيها ألفاظ الحلف بغير الله هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى كما قال الإمام مسلم -رحمه الله- والأحاديث التي فيها ألفاظ الحلف بغير الله هي من الأخبار التي أتبعها الإمام مسلم بالأحاديث التي ليس فيها ألفاظ الحلف بغير الله، لأن في أسانيدها بعض من ليس موصوفا بالحفظ والإتقان، كالصِّنف المتقدم قبلهم فالأحاديث التي ليس فيها ألفاظ الحلف بغير الله أقوى من الأخبار التي فيها ذلك، فتترجح الأحاديث التي ورد فيها النهي عن الحلف بغير الله على غيرها.
قال: ابن عبد البر-رحمه الله-: ((أفلح والله إن صدق، أو دخل الجنة والله إن صدق)) هذا أولى من رواية من روَى ((وأبيه)) لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح))( )[17].
وترجيح روايات النهي عن الحلف بغير الله على الروايات التي فيها ألفاظ جواز القسم بغير الله مذهب كثير من العلماء الأجلاء.
قال الموفق ابن قدامة -رحمه الله-: ((ثم لو ثبت[أي حديث أفلح وأبيه إن صدق] فالظاهر أن النهي بعده، لأن عمر  كان يحلف بها كما حلف بها النبي ، ثُمّ نُهِيَ عن الحلف بها، ولم يرد بعد النهي إباحةٌ، ولذلك قال عمر  وهو يروي الحديث بعد موت النبي : ((فما حلفت بها ذاكراً ولا آثراً)) ( )[18]، أي: ((مبتدئا من نفسي، ولا رويت عن أحد أنه حلف بها)) ( )[19].فلا يجوز الحلف بغير الله  وقال القرطبي -رحمه الله-: ((والظاهر النهي للتحريم، ولا ينبغي أن يختلف في تحريمه)) ( )[20]وبهذا العرض الموجز يتضح موقف الإسلام من الحلف بغير الله إجمالا وأما التفصيل فنقول فيه بحسن توفيق الله تعالى.

موقف الإسلام من الانحراف الأول: وهو الحلف بغير الله.
إن الحلف بغير الله أمر محرم، وقد ورد عن النبي  ((من كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت))( )[21]، وقوله : ((من حلف بغير الله، فقد كفر، أو أشرك))( )[22].ولو كان المراد بالكفر كفرا غير مخرج من الملة، وكذا المراد بالشرك الشرك الأصغر؛ إلا أن الشرك الأصغر أكبر الكبائر، كما نص عليه كثير من العلماء عند حكمهم على تحريم الحلف بغير الله.
قال ابن مسعود : ((لأن أحلف بالله كاذبا، أحب إليَّ من أحلف بغيره وأنا صادق))( )[23] قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح كلامه هذا: ((وذلك لأن الحلف بغير الله شرك، والشرك أعظم من الكذب))( )[24].وإن كان الكذب من الكبائر، لكن الشرك ولو كان شركا أصغر؛ فهو أكبر الكبائر ((لأن حسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق، وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك))( )[25].
وقال شمس الأئمة السرخسي( )[26] -رحمه الله- عقب كلام ابن مسعود : ((ومراده بهذا، المبالغة في النهي عن الحلف بغير الله تعالى...فالحلف بغير الله منهي عنه سواء كان كاذبا أو صادقا، وليس المراد الرخصة في الحلف بالله كاذبا، فإن الكذب حرام من غير أن يؤكده باليمين، فكيف يرخص فيه مع التأكيد باليمين، وقد أوَّله بعضهم على أن الحالف بالله -تعالى- وإن كان كاذبا في خبره، فهو معظم اسم الله -تعالى- في حلفه)) ( )[27].
وقال الشيخ سليمان آل الشيخ -رحمه الله-: وأجمع العلماء على أن اليمين لا تكون إلا بالله أو بصفاته، وأجمعوا على المنع من الحلف بغيره، قال ابن عبد البر: لا يجوز الحلف بغير الله بالإجماع( )[28] ولا اعتبار بمن قال من المتأخرين: إن ذلك على سبيل كراهة التنـزيه، فإن هذا قول باطل، وكيف يقال ذلك لما أطلق عليه الرسول  أنه كفر أو شرك، بل ذلك محرم، ولهذا اختار ابن مسعود  أن يحلف بالله كاذبا ولا يحلف بغيره صادقا، فهذا يدل على أن الحلف بغير الله أكبر من الكذب مع أن الكذب من المحرمات في جميع الملل؛ فدل ذلك أن الحلف بغير الله من أكبر المحرمات))( )[29].
وأما قول المخالف: ((والمشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل جواز اليمين برسول الله، ولزوم الحنث بمخالفته)) كما تقدم قوله في بيان الانحرافات، فهذا تحميل القول ما لا يحتمله؛ لأن مذهب الإمام أحمد ليس هو جواز الحلف بغير الله، بل مذهبه -كغيره من الأئمة- عدم جواز ذلك كما هو مصرح به في كتب المذهب المعتبرة، ومن ذلك:
قال علي بن البهاء الحنبلي( ) [30]: ((والحلف بغير الله محرم، ولا تجب به الكفارة سواء أضافه إلى الله كقوله: وخلق الله، ومعلومه، وكتبه، أو لم يضفه، مثل: والكعبة، والنبي صلى الله عليه وسلم))( )[31].
وقال أبو الفرج ابن قدامة الحنبلي -رحمه الله- بعد أن استدل بعدة أحاديث على أن الحلف بغير الله محرّم قال: ((لأن من حلف بغير الله فقد عظّم غيره تعظيما يشبه تعظيم الرب تبارك وتعالى، ولهذا سمي شركا، لكونه أشرك غير الله مع الله في تعظيمه بالقسم به؛ فعلى هذا يستغفر الله، إذا أقسم بغير الله))( )[32].
وقال المرداوي الحنبلي -رحمه الله- ((ويحتمل أن يكون محرماً.وهو المذهب جزم به في الوجيزِ( )[33]والمُنَوِّرِ( )[34]وغيرهما، وقدمه في المُحَرَّرِ( )[35]، ...والفُروعِ( )[36]، وغيرهم ونصره المصنف( )[37]، والشارح...))( )[38].
وبهذا يتضح أنه ليس المشهور من مذهب الإمام أحمد جواز الحلف بالنبي ، وغاية ما في الأمر روايتان: رواية الكراهة، ورواية التحريم، والظاهر أن الأرجح هي رواية التحريم كما تقدم.
وما نَقَلتْهُ بعض الكتب من جواز الحلف بغير الله، فقد نَقَلتْ قولا في المذهب( )[39],لا المشهور في المذهب.
وما روي عن بعض أئمة المذهب من وجوب الكفارة على من حنث إذا حلف برسول الله، لا يلزم منه جواز الحلف برسول الله.
وأما قول المخالف: ((إن مذهب الإمام أحمد لزوم الحنث بمخالفة الحلف برسول الله)) كما تقدم في بيان الانحرافات، فغير صحيح على إطلاقه؛ لأن مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- ليس هذا، وهو -رحمه الله- لا يقول بجواز الحلف بغير الله كما تقدم في التفصيل في أقوال كبار علماء مذهبه، فكيف يقول بالحنث بما هو ليس حلفا عنده، وإنما هي رواية منسوبة إلى الإمام أحمد -رحمه الله-، فهي من مفردات المذهب، ولذلك يَرويها فقهاء المذهب بصيغة التمريض مثل: يُرْوى، أو رُوِيَ ونحوهما.
قال المرداوي -رحمه الله-: ((ورُوِيَ عن الإمام أحمد مثله[أي: وجوب الكفارة بالحلف برسول الله] وهو من مفردات المذهب))( )[40].
وقال أبو الفرج ابن قدامة -رحمه الله-: ((ورُوِيَ عن أحمد أنه قال: إذا حلف بحق رسول الله  فحنث؛ فعليه الكفارة؛ لأنه أحد شرطي الشهادة، فالحلف به موجب للكفارة كالحلف بالله تعالى.والأول أولى[أي: القول بعدم وجوب الكفارة بالحنث في الحلف به] لقول النبي : "من كان حالفا، فليحلف بالله، أو ليصمت( )[41]".ولأنه حلف بغير الله تعالى، فلم يوجب الكفارة بالحنث فيه، كسائر الأنبياء، ولأنه مخلوق فلم تجب الكفارة بالحلف به، كالحلف بإبراهيم ، ولأنه ليس بمنصوص عليه، ولا هو في معنى المنصوص، ولا يصح قياس اسم غير الله على اسمه؛ لعدم الشَّبَهِ، وانتفاء المماثلة[أي: بين الله و نبيه]( )[42].
وقال علي بن البهاء الحنبلي: ((والحلف بغير الله محرم، ولا تجب به الكفارة سواء أضافه إلى الله كقوله: وخلق الله، ومعلومه، وكتبه، أو لم يضفه، مثل: والكعبة، والنبي صلى الله عليه وسلم))( )[42].
وبعد نقل آراء كبار علماء المذهب الحنبلي يتبيّن عدم جواز الحلف بالنبي ، ومن قال: إن المشهور من مذهب أحمد بن حنبل -رحمه الله- الجواز فقد أخطأ، كما تبين أن نسبة وجوب الكفارة عند أحمد على من حنث في الحلف بالرسول نسبة ضعيفة، والصحيح عدم وجوبها كما صرح به ابن البهاء الحنبلي.
وأما قول المخالف: ((لم يقل أحد من العلماء: إن الحلف بغير الله تعالى كفر)) كما تقدم في بيان الانحرافات، فغير صحيح؛ لأن النبي  قال: ((من حلف بغير الله، فقد كفر، أو أشرك))( )[44].فقد أطلق  لفظ الشرك والكفر على من حلف بغير الله، وإن كان المراد بالكفر كفراً دون كفر، وبعبارة أخرى الكفر الذي لا يخرج صاحبه من ملة الإسلام، والحلف بغير الله من الشرك الأكبر الذي يخرج صاحبه من الملة، إلا إذا قصد الحالف تعظيم المحلوف به كتعظيم الله أو أكثر.
وأما قول المخالف: إن الحلف بغير الله مع تعظيم المحلوف به كتعظيم الله لا يتعاطى ذلك أحد من أهل الإسلام...فهذا الكلام يبطله الواقع إذ يوجد أناس يعظمون غير الله أكثر من تعظيمهم لله ، ويحلفون بالله ولو كانوا على الباطل، ويتحرَّجون من الحلف بذلك الغير ولو كانوا على الحق، فإذا طُلِب من أحدهم اليمين بالله حلف بالله أيمانا مغلظة كاذبا كان أو صادقا، فإذا طُلِبَ منه اليمين بشيخ الطريقة أو المرشد أو المقبرة لم يقدم على اليمين إن كان كاذبا، وما ذاك إلا لأنّ المشايخ، والمقبورين في التراب أعظم عنده من الله .
قال المناوي -رحمه الله- في شرح حديث ((من حلف بغير الله، فقد كفر، أو أشرك))( )[45]: ((فَعَل فِعْل أهل الشرك، أو تشبه بهم، إذ كانت أيمانُهم بآبائهم وما يعبدون من دون الله، أو فقد أشرك في تعظيم من لم يكن [له] أن يعظِّمَه؛ لأن الأيمان لا تصلح إلا بالله؛ فالحالف بغيره معظِّم غيرَه مما ليس له؛ فهو يشرك غير الله في تعظيمه))( )[46].
والحلف بغير الله يكون شركا أكبر إذا كان مع تعظيم المحلوف به والخوف منه، أكثر من التعظيم والخوف الذي يستحقهما الله وحده، لأن مساواة غير الله بالله فيما يستحقه الله شرك أكبر فما بالك بمن يخاف من غير الله أكثر من خوفه من الله ، أو يعظّمه أكثر من تعظيمه لله، وإذا لم يكن كذلك فهو من الشرك الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من ملة الإسلام وإن كان أكبر من كثير من الكبائر.
ـــــــــــــــــــ

الهامش:

( )[1] سيأتي بيان خطأ هذه الدعوى في المبحث الثالث: موقف الإسلام من هذا الانحراف.
( ) [2]أخرجه أبو داود في سننه كتاب الأيمان والنذور باب اليمين بغير الله ص: 585 (ح3251)، والترمذي في سننه كتاب النذور والأيمان باب ما جاء في كراهية الحَلِف بغير الله ص: 363(ح 1535) وقال الترمذي هذا حديث حسن، وصححه الألباني.ينظر صحيح سنن الترمذي للألباني2/175برقم(1535).
( )[3] ((اختلافي مسائل كاحل...)) لمحمد أشرف جشتي ص: 74-75.
( )[4] لم أعرف مدلول هذه الكلمات الثلاث، ولم أدرِ هل يقصدون بها الملائكة أو الجن، والشياطين؟.
( ) [5]((كمالات عزيزي)) لظهير الدين ولي اللهي (بالبشتو) ص: 139، و(بالأردية)ص: 128.
( )[6] قصيدة البردة للبوصيري ضمن دلائل الخيرات ص: 247.
( )[7] صحيح البخاري مع الغتح لابن حجر، كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم11/646 (ح 6646)، وصحيح مسلم مع شرحه للنووي كتب الأيمان باب النهي عن الحَلِف بغير الله 11/108 (ح4233).
( ) [8]سنن الترمذي كتاب النذور، باب كراهية الحلف بغير الله ص: 363(ح 1535) وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
( ) [9]صحيح مسلم مع شرحه للنووي كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي...1/121(ح101).
( ) [10]صحيح مسلم مع شرحه للنووي كتاب البر والصلة، باب بر الوالدين 16/318 (ح 6449).
( ) [11]صحيح مسلم مع شرحه للنووي كتاب الزكاة، باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح 7/125(2380).
( )[12] يراجع لمعرفة هذه المسالك والقائلين بها، شروح كتب الأحاديث، وقد قام د.سليمان الدبيخي بجمع هذه الأقوال في كتابه أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين ص: 212-238.
( )[13] صحيح البخاري مع الغتح لابن حجر كتاب الإيمان باب الزكاة من الإسلام1/142(ح 46) وكتاب الصوم 4/133(ح1891)، وكتاب الشهادات5/352 (ح2678)، كتاب الحيل 12/ 413 (ح 6956).
( )[14] ابن عبد البر: هو شيخ الإسلام أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي، إمام عصره في الحديث والأثر وما يتعلق بهما، صاحب التصانيف الفائقة، منها التمهيد والاستذكار ولد سنة368هـوتوفي سنة463هـ يُنظر ترجمته في:سير أعلام النبلاء للذهبي 18/153 برقم (85)، ووفيات الأعيان لابن خلكان7/66برقم(837).
( )[15]الاستذكار لابن عبد البر كتاب صلاة الجماعة باب جامع الترغيب في الصلاة 2/370(ح395).
( )[16] يُنظر: مقدمة صحيح مسلم مع شرحه للنووي 1/9-16.
( ) [17]التمهيد لابن عبد البر14/367.
( )[18] المغني لموفق الدين ابن قدامة 13/438، والأثر في صحيح البخاري يُنظر: صحيح البخاري مع الفتح لابن حجر، كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم11/646 (ح 6646).
( )[19] النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير1/37.
( ) [20]المفهم للقرطبي 4/621.
( )[21] تقدم تخريجه في بداية المبحث الثالث من هذا الفصل ص: 708.
( ) [22]تقدم تخريجه في ص: 708.
( )[23] رواه الطبراني في المعجم الكبير 9/183(ح8902) وعبد الرزاق في مصنفه باب الأيمان ولا يحلف إلا بالله 8/469(ح15929)، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح يُنظر: مجمع الزوائد للهيثمي4/ 177، وقال الألباني: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.ينظر: إرواء الغليل 8/191 (ح2562).
( )[24] مجموع فتاوى ابن تيمية 1/ 204.
( )[25] الفروع لابن مفلح فصل الحلف بغير الله10/ 437 وتيسير العزيز الحميد لسليمان آل الشيخ ص: 477.
( )[26] السرخسي: هو محمد بن أحمد بن أبي بكر السرخسي (شمس الأئمة) الفقيه الأصولي الحنفي، من طبقة المجتهدين في المسائل، توفي 490هـ يُنظر: الفوائد البهية لعبد الحي اللكنوي ص: 158، ومعجم المؤلفين لكحالة 3/52 برقم (11629).
( )[27] المبسوط للسرخسي كتاب الحيل 30/236.
( ) [28]ينظر التمهيد لابن عبد البر 14/366، ونقل عنه هذا الإجماع موفق الدين ابن قدامة في المغني13/436، وأبو الفرج ابن قدامة في الشرح الكبير 27/462.
( )[29] تيسير العزيز الحميد لسليمان آل الشيخ ص: 474.
( ) [30] علي البهاء: هو علاء الدين علي بن البهاء محمد بن عبد الحميد بن إبراهيم البغدادي الدمشقي الصالحي الفقيه الحنبلي، ولد سنة822هـ وتوفي سنة 900هـ من آثاره فتح الملك العزيز شرح الوجيز في الفقه الحنبلي. ينظر ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد 9/550، والضوء اللامع للسخاوي5/208، مقدمة كتابه فتح الملك العزيز بقلم عبد الملك بن دهيش 1/25 وما بعدها.
( )[31] فتح الملك العزيز بشرح الوجيز لعلي بن البهاء الحنبلي 5/559.
( ) [32]شرح الكبير لأبي الفرج ابن قدامة 27/464.
( )[33] الوجيز في الفقه للدُّجيلي ص: 510.
( ) [34]المنور في راجح المحرر للأدمي ص: 453.
( )[35] المحرر في الفقه لمجد ابن تيمية2/ 197.
( )[36] الفروع لابن مفلح 10/437.
( )[37] يقصد بالمصنف: موفق الدين ابن قدامة مصنف المقنع.يُنظر: المقنع 27/465.
( )[38] يقصد بالشارح: شارح المقنع وهو أبو الفرج ابن قدامة يُنظر: الشرح الكبير 27/462.
( )[39]أشار المرداوي -رحمه الله- إلى هذا في الإنصاف 27/463.
( )[40] الإنصاف للمرداوي 27/466.
( )[41] تقدم تخريجه في بداية المبحث الثالث من هذا الفصل ص: 708.
( )[42] الشرح الكبير لأبي الفرج ابن قدامة 27/ 466-467.
( )[43] فتح الملك العزيز بشرح الوجيز لعلي بن البهاء الحنبلي 5/559.
( ) [44]تقدم تخريجه في ص:708.
( )[45] تقدم تخريجه في ص: 708.
( ) [46]فيض القدير للمناوي 6/155(8642). وبمثله قال على القاري ونقله عنه عظيم أبادي في عون المعبود 9/57 عند شرحه لحديث رقم (3249).


انظر: موقف الإسلام من الانحرافات المتعلقة بتوحيد العبادة, تأليف: عبد الرزاق محمد بشر, ج2 ص704-706و708-719.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الانحرافات المتعلقة بالحلف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الانحرافات المتعلقة بالتمائم
»  الانحرافات المتعلقة بالذكر، والدعاء
» الانحرافات المتعلقة بالنذر
» الانحرافات المتعلقة بالرقى
» الانحرافات المتعلقة بالتعبيد في الأسماء

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى السعادتين :: منتدى العلوم الاسلامية :: العقيدة الإسلامية :: موقف الإسلام من الانحرافات المتعلقة بتوحيد العبادة :: الباب الثاني من كتاب موقف الإسلام من الإنحرافات المتعلقة بتوحيد العبادة-
انتقل الى: