الأمر الثاني: القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعالج كثيراً من الانحرافات وينجي الأمة من الهلاك والفساد العام، وبسببه جُعلت الأمة المحمدية خير الأمم، قال الله تعالى: • •• : ( )[1].
ولا أريد أن أتوسع في مجال بيان فضل الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ونصوص القرآن والسنة في ذلك كثيرة، وتركه خطر عظيم، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه؛ ثم تدعونه فلا يستجاب لكم))( )[2].
فلا بدّ من القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه قد يكون فرضَ عينٍ على بعض الناس، إذا رأى أحد المنكر وليس عنده غيره، أو لا يستطيع غيره إنكاره؛ فيجب عليه بعينه إنكاره بحسب مراتبه الثلاث، وإذا كانوا جماعة وقد قام بإنكار المنكر بعضهم أو أحدهم برئت ذمة الجميع, وإذا لم يقم بإنكاره أحد، أثم كلُّ قادر بحسب قدرته؛ إذ هو واجب على كل مكلف بحسب قدرته، لقوله : ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))( )[3].
وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببٌ لانتشار البدع والانحرافات، وتنشيط الفرق الضالة والحركات الهدامة، والقيام به سببٌ لمعالجة كثير من الانحرافات عموما، وما يتعلق منها بتوحيد العبادة خصوصاً، كما أن ذلك يقمّع الحركاتِ الهدامة للدين، ويمنع نفوذهم في الشعوب، ويهتك أستارهم التي يتستّرون وراءها.
وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -ويسميه البعض بالاحتساب- مراتب بيّنها النبي بقوله: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) ( )[4].
فبـيّن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنها ثلاث:
المرتبة الأولى: الإنكار باليد مع القدرة.
المرتبة الثانية: الإنكار باللسان مع القدرة.
المرتبة الثالثة: الإنكار بالقلب.
وإليكم بيان هذه المراتب بشيء من التفصيل، وما يتعلق بأصحاب كل مرتبة من المهام التي يُعالَج بها الانحرافات عموما، وما يتعلق منها بتوحيد العبادة خصوصاً، وبالله التوفيق.
الهوامش:
( )[1] سورة آل عمران(110).
( ) [2]رواه الترمذي في سنه كتاب الفتن، باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص: 490 (ح2169) ، وقال: حديث حسن، وقال الألباني: صحيح ينظر صحيح سنن الترمذي له2/460.
( ) [3]صحيح مسلم مع شرحه للنووي كتاب الإيمان، باب كون النهي عن المنكر من الإيمان 2/211(ح175).
( ) [4]تقدم تخريجه في في هذا المبحث ص: 147، و198.
الموضوع مأخوذ من كتاب موقف الإسلام من الانحرافات المتعلقة بتوحيد العبادة. تأليف أبي سعيد عبد الرزاق بن محمد بشر (ج1 ص:173-175)
السبت 28 ديسمبر 2013, 5:30 am