أبو سعيد بشرزي
عدد المساهمات : 80 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 25/05/2011
| موضوع: المطلب الثالث: أقسام الذكر والدعاء الإثنين 11 مارس 2013, 9:55 am | |
| المطلب الثالث: أقسام الذكر والدعاء ينقسم الذكر والدعاء إلى أقسام متنوعة باعتبارات مختلفة، وهي كالتالي: أولا: أقسام الذكر ينقسم الذكر إلى عدة أنواع باعتبارات متعددة منها: الأول: باعتبار ما يقع به الذكر ينقسم إلى قسمين: ذكر اللسان، وذكر القلب( )[1]، وقسّمه البعض بنفس الاعتبار إلى ثلاثة أقسام: ذكر اللسان والقلب والجوارح( )[2], فيكون ذكر اللسان بالتلفظ بالألفاظ الواردة من التسبيح والتهليل، وقراءة القران ومدارسة العلم، وذكر القلب بالتفكر في أدلة الذات والصفات، وفي أدلة التكليف، وفي أسرار المخلوقات، أما ذكر الجوارح فبالاستغراق في الطاعات، والخلوّ عن المنهيات، وعلى ذلك يأتي تفسير قوله تعالى:( )[3] وبهذا أيضا يكون قول الله :( )[4]متضمناً لجميع أنواع الطاعات( )[5]. وينفرد كل من اللسان، والقلب، والجوارح بالذكر أحيانا، وقد يجتمع الجميع، أو الاثنان منها عليه. الثاني: الذكر باعتبار هيئة الذاكر ينقسم إلى قسمين:1 - الذكر الفردي: وهو ذكر العبد ربه لوحده -كما هو الغالب-، ويدل عليه قوله(...ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه...))( )[6]. 2- الذكر الجماعي: وهو ما يكون في حِلَقِ الذِّكر من تلاوة القرآن، ومدارسة العلم، ونحوها كما في الحديث((ما اجتمع قوم يذكرون الله إلا حَفَّتْهُم الملائكة, وتَغَشَّتْهم الرحمة، ونزلتْ عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده))( )[7]وفي رواية((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده))( )[8].هذه الرواية تفسر الرواية الأولى. الثالث: الذكر باعتبار صوت الذاكر ينقسم إلى قسمين: 1- الذكر الخفي: وهو مالا يسمعه غير الذاكر إلا الله، ويدل عليه قول الله تعالى: ( )[9]. 2-الذكر الجهري: وهو ما يسمعه الذاكر وغيره من العباد كما في التلبية وتكبيرات أيام التشريق ونحوها. الرابع: الذكر باعتبار التقيّد وعدمه ينقسم إلى قسمين:1 - الذكر المقيد وهو: الذكر الذي قيّده الشارع بالمناسبة، والحال، مع بيان الكم، والكيف، وبعبارة أخرى هو: ما ثبت عن النبي قولا أو أرشد إليه في أوقات مخصوصة أو لسبب، أو مناسبة، كأذكار الصباح والمساء، وأذكار الصلاة، ونحوها. 2- والذكر المطلق وهو: ما ليس مقيدا بسبب أو حال أو عدد أو كيفية، كالتسبيح، والتهليل، والتكبير، ونحوها، مطلقا من دون التقييد، كما في الحديث: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ))( ) [10] ثانيا:أقسام الدعاء ينقسم الدعاء إلى قسمين( )[11]: 1- دعاء مسألة 2- دعاء عبادة( )[12]. أما دعاء مسألة: فهو طلب جلب نفع أو دفع ضر، وهو من أقسام العبادة لأن فيه تضرعاً وافتقاراً إلى الله. وأما دعاء عبادة: فهو ما ليس فيه سؤال ولا طلب، ولكنه ثناء على الله يَتَعبّد به العبد طلبا لثواب الله وخوفا من عقابه. وبين هذين القسمين من الدعاء تلازم من حيث أن دعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة، وذلك لأن الداعي إذا عبد الله بالثناء عليه والتحميد ونحوه، ويعتقد أنه لا بد للمعبود أن يكون مالكا للنفع والضر؛ فيستلزم منه أن لا يطلب شيئا إلا منه. ودعاء المسألة متضمن لدعاء العبادة، لأن السائل إذا أخلص سؤاله من الله فهذا من أفضل العبادات، وكذلك الذاكر لله والتالي لكتابه كل منهما طالب في المعنى فيكون داعيا عابدا( )[13]. وسيكون الكلام في هذا الفصل إن شاء الله فيما يتعلق بدعاء العبادة، إذ هو والذكر شيء واحد؛ لأن في كل منهما ثناء على الله بما هو أهل له، وأما ما يتعلق بدعاء المسألة فسيأتي الكلام عنه في فصل الاستغاثة والاستعانة إن شاء الله؛ لأنهما من أقسام دعاء المسألة. ـــــــــــــــــــالهامش: ( ) [1]يُنظر: المنهاج لشعب الإيمان للحليمي1/503، والأذكار للنووي ص: 33، فتح الباري لابن حجر11/250. ( ) [2]التفسير الكبير للرازي 4/143. ( ) [3]سورة الجمعة (9). ( ) [4]سورة البقرة (152). ( ) [5]التفسير الكبير للرازي4/143(بتصرف). ( )[6] صحيح البخاري مع الفتح لابن حجر كتاب الأذان باب من جلس في المسجد ينتظر...2/187(ح660)، وصحيح مسلم مع شرحه للنووي كتاب الزكاة باب إخفاء الصدقة 7/ 123(ح2377). ( ) [7]رواه أحمد في مسنده3/94، وقال محققو المسند:حديث صحيح.ينظر المسند المحقق بإشراف الأرنؤوط18/389برقم (11892) ( )[8] صحيح مسلم مع شرحه للنووي كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر17/24(ح6793)، وأبو داود في سننه كتاب الصلاة باب في ثواب قراءة القرآن ص: 251(ح1455). ( ) [9]سورة الأعراف (205). ( )[10] صحيح البخاري مع الفتح لابن حجر باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم 11/690 (ح6682)، وصحيح مسلم مع شرحه للنووي كتاب الذكر والدعاء 17/21(ح6786). ( ) [11]لقد قسم الشيخ رشيد رضا الدعاء إلى دعاء عادة، ودعاء عبادة، ودعاء عادة: هو ما يطلبه الناس بعضهم بعضا مما يقدرون عليه بالأسباب التي سخرها الله لهم.فدعاء العبادة ينقسم إلى دعاء مسألة، ودعاء عبادة. يُنظر: تعليق محمد رشيد رضا على صيانة الإنسان للسهسواني ص: 374. ( ) [12]يُنظر: الفتاوى الكبرى لابن تيمية 2/ 208، حاشية الأصول الثلاثة لعبد الرحمن النجدي ص:49، مجموع فتاوى ابن عثيمين 6/52، شرح الأصول الثلاثة للفوزان ص: 127. ( ) [13]يُنظر: اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية2/312، وبدائع الفوائد لابن القيم 3/835، وتيسر العزيز الحميد لسليمان آل الشيخ ص: 170، وفتح المجيد لعبد الرحمن آل الشيخ ص:150.انظر: موقف الإسلام من الانحرافات المتعلقة بتوحيد العبادة, تأليف عبد الرزاق محمد بشر, ج1 ص444-449. | |
|