منتدى السعادتين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زائري العزيز اذا كانت هذه اول زيارة لك فتفضل بالتسجيل معنا لنستفيد منك وتستفيد منا
وشكرا

مع تحيات
سعيد الله بشرزو
منتدى السعادتين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زائري العزيز اذا كانت هذه اول زيارة لك فتفضل بالتسجيل معنا لنستفيد منك وتستفيد منا
وشكرا

مع تحيات
سعيد الله بشرزو
منتدى السعادتين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى السعادتين

(سعادة الدنيا والآخرة)
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أصول الفقه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبوياسر
مساعد مشرف على المنتدى
مساعد مشرف على المنتدى



ذكر

عدد المساهمات : 8
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 20/11/2011

أصول الفقه Empty
مُساهمةموضوع: أصول الفقه   أصول الفقه Icon_minitimeالخميس 08 ديسمبر 2011, 10:35 am

المملکة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
كلية الشريعة




هل ا لعبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب؟
إعداد /د: فضل الهادي محمد أبو ياسر

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين، وبعد:
إن من أهم ما يشتغل به طالب العلم الشرعي هو طلب العلم الذي يمكنه من فهم الكتاب والسنة، ومعرفة كيفية الاستفادة منهما فيما تتجدد من وقائع وأحداث؛ ليكون على بصيرة تامة ويقين جازم فيما يَقْدِم عليه من عمل أو يحجم، وهذا النوع من العلم قد بذل فيه الأوائل من أهل العلم جهودا تذكر لهم فتشكر، وتوارث عنهم الأواخر، فقد وضعوا له قواعده، ورسموا له حدوده ومعالمه، وأسموه بعلم أصول الفقه، وأنا في هذه العجالة أتطفل على موائدهم وأستفيد من تراثهم في جزئية من جزئيات هذا العلم وهي:
هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب؟
أسأل الله أن يعينني على كتابته، وهو خير مسئول، ونعم مأمول.
أسباب اختيار هذا الموضوع:
أجمل أسباب اختياري لهذه المسألة في الأسباب الآتية:
1- الرغبة في معرفة مناهج العلماء وطرق استدلالهم في المسائل الخلافية ومنها هذه المسألة.
2- معرفة: لماذا اختلف العلماء في مثل هذه المسائل.
3- الوصول إلى ما هو الراجح في المسألة.
4- هل الخلاف في هذه المسألة مما ترتب عليه الخلاف في المسائل الفقهية أو لا؟
5- ربط علم أصول الفقه، بعلم الفقه من خلال معرفة المسائل الفقهية المترتبة على هذه المسألة الأصولية.
وغير ذلك من الأسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع.
خطة البحث:

الخطة: تشتمل على مقدمة، و تمهيد، ومبحثين، وفهارس لازمة للبحث:
أما المقدمة: ففيها الافتتاحية، وأهمية علم الأصول إجمالا، وأسباب اختيار الموضوع، وخطة البحث، والمنهج المرسوم لدراسة المسألة المطروحة للبحث.
أما التمهيد ففيه التعريف بالمسألة المطروحة للبحث، وتصويرها.
المبحث الأول: تحرير محل النزاع في المسألة، ثم ذكر أقوال العلماء وأدلتهم مع مناقشتها، والراجح منها، وسبب الخلاف، وثمرته، وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول: تحرير محل النـزاع.
المطلب الثاني: أقوال العلماء مع النسبة، في المسألة.
المطلب الثالث: أدلة الأقوال مع مناقشتها.
المطلب الرابع: الراجح من الأقوال في المسألة.
المطلب الخامس: سبب الخلاف، وثمرته، في هذه المسألة.
المبحث الثاني: الفروع الفقهية المترتبة على المسألة.
الفهارس:
توضع الفهارس في نهاية البحث؛ ليتمكن القارئ من الوصول إلى المعلومة بسهولة، وعليه فإنني أذيل البحث ب:
1- فهرس المصادر والمراجع.
2- فهرس الموضوعات.

منهجي في دراستي لهذه المسألة:
أما منهج دراستي لهذا الموضوع فأبينه خلال عدة نقاط وهي كما يلي:
أولا: التعريف بالعنوان (موضوع البحث).
ثانيا: تحرير محل النـزاع في المسألة.
ثالثا: ذكر أقوال العلماء في المسألة مع نسبتها إلى قائليها.
رابعا: أدلة الأقوال مع مناقشتها.
خامسا: معرفة سبب الخلاف في المسألة.
سادسا: الراجح من الأقوال في المسألة.
سابعا: ثمرة الخلاف في المسألة.
ثامنا: الفروع الفقهية المترتبة على المسألة.

التمهيد:

أبين في هذا التمهيد –إن شاء الله- المقصود بالمسألة المطروحة للدراسة (هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟)؛ ليسهل فهمها، ويعرف صورتها وشكلها:
فالمقصود بهذا العنوان هو:
إذا حدثت حادثة لشخص معين من الناس ولم يكن يعرف حكمها، فذهب ليسأل الخبير عنها، فأجابه الخبير بلفظ عام يصلح لذلك الشخص ومن كان على شاكلته، ففي هذه الحالة هل يقصر الحكم على السائل فقط؛ لأنه صدر في حادثة معينة لشخص معين أي: بسبب خاص، أو يعمم الحكم لكل من ابتلي بمثل تلك البلية نظرا للفظ عام.
والمسألة وإن كانت مطروحة في النصوص الشرعية، ولكن يمكن التوسع فيها حيث يندرج فيها ما يصدر من قوانين وقرارات عامة من الجهات العليا، أو جهات ذات اختصاصات معينة حيال قضايا معينة وأشخاص معينة بألفاظ عامة تصلح لهم ولغيرهم.
المبحث الأول:
تحرير محل النزاع في المسألة، وذكر أقوال العلماء مع أدلتهم ومناقشتها، والراجح منها، وسبب الخلاف، وثمرته، وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول: تحرير محل النـزاع في المسألة:
إن العلماء اتفقوا على دخول صورة السبب في الحكم العام الوارد على سبب خاص، وما عداها من الصور الداخلة تحت عموم اللفظ إما:
أن يكون عموم اللفظ لها جزءا من الجواب لا يتم الجواب إلا به.
أو يكون اللفظ الذي تناولها لغة زائدا عن الجواب يمكن فهم الجواب بدونه.
ومثال القسمين : أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل : أنتوضأ بماء البحر، فقال : « هو الطهور ماؤه الحل ميتته » (أخرجه مالك وأحمد وأصحاب السنن، وصححه الحاكم).
فهذا الجواب فيه عمومان :
الأول : واقع في جواب السؤال ولا يتم الجواب بدونه، وهو قوله: « هو الطهور ماؤه ».
والثاني : زائد عن جواب السؤال ولكنه مصاحب له، وهو قوله : « الحل ميتته »، فهذا العموم الأخير خارج عن محل النزاع؛ لأنه بيان لحكم لم يسأل عنه فهو كالحكم المبتدأ الذي لا يعرف سببه، فيكون عاما لكل ميتات البحر إلا ما قام الدليل على خصوصه.
والأول : وهو ما كان العموم فيه في موضع السؤال ولا يتم الجواب إلا به، هو موضع النزاع. ( )
المطلب الثاني: أقوال العلماء في المسألة:

لقد اختلف العلماء في المسألة على ستة أقوال، وفيما يلي عرض الأقوال مع نسبتها إلى قائليها:
القول الأول: أنه يجب قصره على ما خرج عليه السؤال، وإليه ذهب بعض أصحاب الشافعي، وحكاه الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب، وابن الصباغ، وسليم الرازي، وابن برهان، وابن السمعاني، عن المزني، وأبي ثور، والدقاق، وحكاه أيضًا الشيخ أبو منصور عن أبي الحسن الأشعري، وحكاه أيضًا بعض المتأخرين عن الشافعي، وحكاه القاضي عبد الوهاب، والباجي عن أبي الفرج من أصحابهم وحكاه الجويني في البرهان عن أبي حنيفة، وقال إنه الذي صح عندنا من مذهب الشافعي، وكذا قال الغزالي في المنخول، وتبعه فخر الدين الرازي في "المحصول". قال الزركشي: والذي في كتب الحنفية، وصح عن الشافعي خلافه ونقل هذا المذهب القاضي أبي الطيب والماوردي وابن برهان وابن السمعاني عن مالك
القول الثاني: أنه يجب حمله على العموم؛ وإلى هذا ذهب الجمهور.
قال الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب، والماوردي، وابن برهان: وهو مذهب الشافعي. واختاره أبو بكر الصيرفي، وابن القطان.
قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وابن القشيري، وإلكيا الطبري، والغزالي: إنه الصحيح، وبه جزم القفال الشاشي قال: وحكى هذا المذهب ابن كج عن أبي حنيفة، والشافعي.
وحكاه الأستاذ أبو منصور عن أكثر الشافعية والحنفية، وحكاه القاضي عبد الوهاب عن الحنفية، وأكثر الشافعية والمالكية، وحكاه الباجي عن أكثر المالكية والعراقيين.( )
القول الثالث: التوقف، هكذا ذكره الزركشي بدون النسبة.
القول الرابع: التفريق بين سؤال السائل، فيختص به ولا يعمم، وبين الحادثة فتعمم. قاله صاحب كشف الأسرار البخاري.
القول الخامس: إن عارضه عموم خرج ابتداء بلا سبب قصر ذلك على سببه، وإن لم يعارضه فالعبرة بعمومه، وبه قال الأستاذ أبو منصور، يمكن إدخاله في القول الثاني.
القول السادس: إن كان الشارع ذكر السبب في كلامه، فيقتصر عليه ولا يشاركه غيره إلا إذا وجد فيه ذلك المعنى، أو يلحق ببيان: حكمي على الواحد حكمي على الجماعة، وبين أن يكون السبب من غيره، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بالسبب كقوله تعالى: (( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم )) فإنه كان على سبب الاختيان، ثم يدخل فيه من اختان ومن لم يختن. حكاه البلاقلاني وابن فورك، ونسب إلى ابن أبي هريرة. ( )
المطلب الثالث: أدلة الأقوال مع مناقشتها:

استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
1- إن السبب مخصص لعموم اللفظ.( )
2- بأن المراد من ذلك الخطاب إما بيان ما وقع السؤال عنه أو غيره:
فإن كان الأول: وجب أن لا يزاد عليه وذلك يقتضي أن يتخصص بتخصص السبب
وإن كان الثاني: وجب أن لا يتأخر ذلك البيان عن تلك الواقعة.( )
3- لولا اختصاص الحكم بالسبب، لجاز إخراج السبب بالتخصيص، لكن لا يجوز إخراجه بالتخصيص، وذلك يدل على اختصاص الحكم بسببه.( )
4- لولا اختصاص الحكم بالسبب لما نقل الراوي السبب؛ لأن نقله على هذا التقدير يكون عديم الفائدة، إذ لا فرق بين نقله وعدم نقله في عموم الحكم، لكن لما نقل الرواة أسباب الأحكام، وحافظوا على نقلها، دل ذلك على اختصاص الحكم بسببه.( )
5- لولا اختصاص الحكم بسببه، لما أخر بيان الحكم إلى وقوع السبب، بل كان يكون تقديم بيان الحكم على وقوع سببه أولى، ليصادف السبب عند وقوعه حكما مبينا مستقرا، لكن التقدير أن بيان الحكم تأخر إلى حين وقوع سببه، فدل على اختصاصه به.( )
6- أن الحكم الوارد على سبب جواب له، وجواب السؤال يجب أن يكون مطابقا له، وإنما يكون ذلك باختصاص الحكم بمحل السبب.
ونوقشت أدلتهم بما يلي:
أنه لا ما نع من تخصيص محل السبب إذا قام دليل التخصيص، ولا يلزم منه محال عقلا ولا شرعا.
أما نقل السبب فله فوائد:
منها: بيان أخصية السبب بالحكم.
ومنها: معرفة تاريخ الحكم بمعرفة سببه، وفي معرفة التأريخ فائدة معرفة الناسخ عن المنسوخ.
ومنها: توسعة علم الشريعة بمعرفة الأحكام بأسبابها فيكثر ثواب المصنفين والمجتهدين.
ومنها: التأسي بوقائع السلف وما جرى لهم، فيخف حكم المكاره على الناس، وغير ذلك من الفوائد، فلا يصح القول بأنه لا فائدة في نقل السبب.
أما تأخر بيان الحكم إلى وقوع سببه، فإنه من متعلقات العلم الأزلي، وهو لا يعلل كتخصيص وقت إيجاد العالَم به.
وأما عن أَن الحكم جواب سؤال فتجب مطابقته له ; فبأن نقول : إن عنيتم بمطابقة الحكم سببه أن لا يكون أعم منه ولا أخص لا نسلم ذلكَ ، وإن عنيتم بالمطابقة أن يكون الجواب متناولا محل السؤال والسبب ; فهو صحيح ، لكنه لا ينافي كون الجواب أعم من سببه ، إذ لا يبعد أن يقصد الشارع بالزيادة عن محل السبب تمهيد الحكم وتقرِيره في المستقبل ، كما إذا قيل : «زنى فلان أو سرق فلان ; فقال : من زنى ; فارجموه ، ومن سرق فاقطعوه» ، فإن فلانا قد دخل في عموم من ، وتناوله الجواب ، ولم يناف ذلك تقرير حكم القطع في حق غَيره.( )
واستدل الجمهور وهم أصحاب القول الثاني أيضا بما يلي:
1- أن عدول المجيب عن الخاص المسئول عنه إلى العام دليل على إرادة العموم.
2- ولأن الحجة قائمة بما يفيده اللفظ، وهو يقتضي العموم، ووروده على السبب لا يصلح معارضًا لجواز أن يكون المقصود عند ورود السبب بيان القاعدة العامة لهذه الصورة وغيرها
3- والأصل أن العموم له حكمه إلا أن يخصه دليل، والدليل قد يختلف فإن كان في الحال دلالة يعقل بها المخاطب أن جوابه العام يقتصر به على ما أجيب عنه، أو على جنسه فذاك، وإلا فهو عام في جميع ما يقع عليه عمومه، والأصل في ذلك أن الأحكام لا يخلو أكثرها عن سبب وأمر يحدث ولا ينظر إلى ذلك، وإنما النظر إلى الحكم كيف مورده فإن ورد عاما لم يخص إلا بدليل وإن ورد مطلقا لم يقيد إلا بدليل؛ لأن الأسباب متقدمة والأحكام بعدها فقد ينظمها مع تقدمها كما أن الأحكام لا يخلو أكثرها من أن يقضى به على غير أولها أو معها وليس في ذلك ما يوجب الاقتصار بالخطاب على العين . ( )
ويمكن أن يقال في مناقشة أدلتهم:
بأن العموم ربما استفيد بدليل منفصل، فيقال: أن الأصل عدم ذلك الدليل، واللفظ صالح للتعميم، فتجب إضافته إليه.( )
واستدل الواقفة بقولهم: إن إرادة العموم نظرا للفظ أمر يحتمله اللفظ، وكذلك القصر على السبب أمر يحتمله السبب، ولا نستطيع أن نرجح فوجب التوقف.
ويمكن أن يقال في مناقشتهم:
إن مجرد وجود احتمال لا يوجب التوقف؛ لأن إرادة العموم باللفظ أمر ظاهر يؤيده الأدلة التي ذكرها الجمهور.
المطلب الرابع: الراجح من الأقوال في المسألة:
وبعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح هو قول الجمهور وذلك؛ لأن الحكم معلق باللفظ، دون ما وقع عليه السؤال، ولو قال ابتداء وجب حمله على العموم، فكذلك إذا صدر جوابًا.
قال الشوكاني:" وهذا المذهب هو الحق الذي لا شك فيه، لأن التعبد للعباد إنما هو باللفظ الوارد عن الشارع وهو عام ، ووروده على سؤال خاص لا يصلح قرينة لقصره على ذلك السبب ومن ادعى أنه يصلح لذلك فليأت بدليل تقوم به الحجة ولم يأت أحد من القائلين بالقصر على السبب بشيء يصلح لذلك، وإذا ورد في بعض المواطن ما يقتضي قصر ذلك العام الوارد فيه على سببه لم يجاوز به محله بل يقصر عليه، ولا جامع بين الذي ورد فيه بدليل يخصه وبين سائر العمومات الوردة على أسباب خاصة حتى يكون ذلك الدليل في الموطن شاملاً لها".( )
ومما يؤيد هذا الترجيح:
حديث عبد الله بن مسعودٍ : أن رجلا أصاب من امرأة قُبلَة، فأتى النبي  فذكر ذلك له، قال: فنزلت: { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }( ) قال: فقال الرجل: ألِي هذهِ يا رسول الله؟ قال: ((لمن عمل بها من أمتي))( ) وفي روايةٍ لمسلم: فقال رجل من القوم: يا نبي الله، هذا له خاصة؟ قال: ((بل للناس كافة)). وهذا نص في محل النـزاع.
وممَّا يُؤكدُ هذه القاعدة عدم مجيء أكثر النصوص؛ خاصة نصوص القُرآن التي نزلت لأسباب؛ بتسمية من كان سببا في نزولها، بل يأتي اللفظ عاما ليكونَ تشريعًا لجميعِ أهل الإسلام بدلالة العُموم.
المطلب الخامس: سبب الخلاف، وثمرته في هذه المسألة:

سبب الخلاف في المسألة هو: الخلاف في اعتبار اللفظ والسبب، فمن يعتبر اللفظ وهم الجمهور يقولون: العبرة بعموم اللفظ، ومن يعتبر السبب يقولون بخصوص السبب لا بعموم اللفظ وهم أصحاب القول الآخر.( )
وأما ثمرة الخلاف:
فتظهر في تعميم ما ورد بلفظ عام في سبب خاص، فالجمهور من العلماء يعممونه ويعدونه عن السبب إلى غيره ويرون ذلك من دلالة النص، أما أصحاب القول الثاني فهم لا يتعدون بالحكم عما ورد فيه عن طريق دلالة النص، وإنما هم يعدونه عن طريق القياس، وإن كان اللفظ خاصا.( )
المبحث الثاني: الفروع الفقهية المترتبة على المسألة:

لقد ترتب على هذه المسألة فروع فقهية كثيرة، وفيما عرض لنماذج من تلك الفروع:
الفرع الأول: الترتيب في الوضوء:
اختلف العلماء في الترتيب في الوضوء هل يجب أو لا ؟ على قولين :
فقيل: يجب، وهو المشهور من مذهب الحنابلة ومذهب الشافعي، واستدلوا على ذلك بأدلة منها: وهو الذي يهمنا قوله  (( ابدؤوا بما بدأ الله به )) ولمسلم (( أبدأ بما بدأ الله به )) فدل هذا على وجوب البداءة بالشيء الذي بدأ الله به في الوضوء فقد بدأ بالوجه ثم باليدين إلى المرفقين ثم بمسح الرأس ثم بغسل الرجلين.
وقال الآخرون : كيف تستدلون بهذا الكلام وقد قاله  في الحج لما دنا من الصفا قال (( أبدأ بما بدأ الله به )) فسببه الحج، ونحن في الوضوء .
والجواب : أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإن قوله (أبدأ بما) صيغة من صيغ العموم وهو (ما) بمعنى الذي فهو وإن قاله في الحج لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وهذا هو القول الصحيح - أعني وجوب الترتيب في الوضوء مع القدرة - لهذا الدليل ولأدلة أخرى ليس هذا مجال بحثها.
وعلى تسليم صحته فيقال : إن الأحاديث الصحيحة صرحت بالترخيص بلفظ مطلق من غير قيد الحج، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وهذا هو القول الراجح فالعام يجرى على عمومه ولا يقيد إلا بدليل صحيح صريح .
الفرع الثاني: الحج عن الغير:
ورد في حديث الخثعمية أنها قالت : يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج قد أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ، قال : نعم حجي عنه )). ( )
فقال بعض أهل العلم : إن هذا الحديث خاص بالخثعمية وأبيها دون غيرهم ، وهذا ليـس بصحيح ، بل الصواب أنه: عام لها ولغيرها ممن هو في حالة أبيها فمن كان مريضاً أو كبيراً لا يثبت على الراحلة فله أن يقيم عنه من يحج ويعتمر؛ لعموم قوله  (( فاقضوا الله فالله أحق بالوفاء )) فإن قيل إنه نزل على سبب خاص وهو سؤالها ، قلنا : إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
الفرع الثالث: رضاع الكبير:

ففي قصة سالم مولى أبي حذيفة  أنه كان يدخل على امرأة أبي حذيفة فتغيرت نفس أبي حذيفة فرفعت الأمر إلى النبي  فقال لها: (( أرضعيه حتى يدخل عليك )) والحديث عند مسلم وغيره.
فهذا الحديث له سبب خاص ، ولفظه عام ، فهل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب؟
هنا وقع الخلاف بين العلماء:
فقال جملة من أزواج النبي  وهو قول الجمهور أيضاً إنه خاص بسالم لا يتعداه لغيره.
وقال بعض أهل العلم : بل العبرة بحالة السبب ذلك لأن السبب له تأثير في الحكم وإذا كان السبب له تأثير في الحكم فإنه يناط بحالته ، وإذا نظرنا إلى حالة سالم وأبي حذيفة وامرأته وجدناهم قد تأذوا بتكرر دخول سالم عليهم وهم مضطرون لدخوله ، فأرضعته المرأة ليكون ابناً لها ، فمن كانت حالته مثل حالة أبي حذيفة وامرأته من تكرر دخول رجلٍ عليهم وهم محتاجون لدخوله، فللمرأة أن ترضعه ليحرم عليها ، وهذا القول فيه إعمال للأدلة كلها وهو اختيار أبي العباس - رحمه الله - ولا يخالف أحاديث الحولين؛ لأنها عامة وقضية سالم خاصة والخاص مقدم على العام ، ولا ينبغي إبطال شيء من السنة مادام إعمالها ممكناً ، وأما مخالفة أمهات المؤمنين فمعارض بقول عائشة وقول الصحابي ليس بحجة إجماعاً إذا خالفه صحابي آخر.
ا
لفرع الرابع: تطهير الإهاب بالدباغ:

اختلف العلماء في الدباغ هل هو مطهر لجلد الميتة أو لا ؟ أو لا يطهر إلا جلد المأكول دون غيره ؟
والنقاش الآن مع الذين قالوا لا يطهر بالدباغ إلا جلد المأكول فقط فاستدلوا على ذلك بحديث ابن عباسٍ قال: (( تُصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يجرونها فقال : هلاّ أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به ؟ فقالوا إنها ميتة ، قال : يطهرها الماء والقرظ )) فهذا الحكم العام ورد على سبب خاص وهو شاة ميمونة، والشاة مما يؤكل لحمها فيقصر الحكم على سببه الخاص ولا يتعداه إلى غيره .
وفي لفظٍ لأحمد (( أن داجناً لميمونة ماتت فقال رسول الله  ((ألا انتفعتم بإهابها ألا دبغتموه فإنه ذكاته )).
ولذلك قال الإمام مجد الدين في المنتقى : " وهذا تنبيه على أن الدباغ إنما يعمل فيما تعمل فيه الذكاة " واختاره حفيده أبو العباس - رحمه الله - وهو رواية عن أحمد وليست هي المشهورة في المذهب. وذهب بعض العلماء إلا أن الدباغ مطهر لجلد جميع الحيوانات الطاهرة في الحياة مأكولة أو غير مأكولة وهو رواية في المذهب واستدلوا بأدلة كثيرة جداً وأجابوا عن استدلال أصحاب القول الأول بأن الحكم عام وإن نزل على سببٍ خاص إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فلما قالوا (( إنها ميتة )) قال: (( يطهرها الماء والقرظ )) فهذا الحكم المعتبر فيه عمومه بدليل أنه  حكم بطهارة جلود الميتة بالدباغ في غير خصوص الشاة فقال في حديث ابن عباسٍ (( إذا دبغ الإهاب فقد طهر )) وفي حديث أم سلمة (( دباغ جلود الميتة طهورها )) وغيرها من الأدلة المستوفاة في مكانٍ آخر مما يدل على أن حكمه على الشاة لا يدل على الخصوصية بها لأن العبرة بعموم اللفظ ولأن ذكر بعض أفراد العام لا يكون مخصصاً للعموم.
الفرع الخامس: من فاتته الصلاة أو الصوم لعذر:

من فوت الصلاة أو الصوم لعذرٍ فإنه يقضي في قول عامة أهل العلم للأدلة الصريحة الصحيحة في ذلك لكن من فوتهما لغير عذر - أي ترك الصلاة عمداً أو أفطر عمداً - فهل يقضي أو لا ؟ فيه خلاف:
فقيل يقضي لعموم قوله  : (( فاقضوا الله فالله أحق بالوفاء )).
وقال بعضهم : لا يصح قضاؤه؛ لأنها عبادة مؤقتة بوقت، والعبادة المؤقتة بوقتٍ تفوت بفوات وقتها من غير عذرٍ والأدلة دلت على قضاء المعذور ، وأما المتعمد فيمنع من القضاء حرماناً لا تخفيفاً ، وأما قوله (( فاقضوا الله فالله أحق بالوفاء )) فهو فيمن فاته الحج لموتٍ أو مرضٍ ونحوه ، لأنه قيل في الحـج فلا يستدل به على غيره .
قال الأولون : نعم سلمنا أنه قيل في الحج لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ولأنه يفهم المراد منه بنفسه من غير معرفة سببه.( )
وهناك فروع كثيرة تترتب على هذه المسألة، إلا أن دراستها تطيل البحث، وبهذا القدر أكتفي.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الفهارس:
فهرس المصادر والمراجع

- القرآن الكريم.
- الصحيحان.
- إرشاد الفحول للشوكاني، دار الكتاب العربي، طبع: 1419هـ.
- أصول الفقه الذي لا يسع الفقيهَ جهلُه، أ.د. عياض بن نامي السلمي
- البحر المحيط للزركشي، دار الكتب العلمية، طبعة: 1421هـ.
- تحرير القواعد ومجمع الفرائد، لوليد بن راشد السعيدان، كتاب مضمن في المكتبة الشاملة الإصدار الثالث.
- تيسير الوصول إلى قواعد الأصول، لعبد المؤمن البغدادي الحنبلي، دار ابن جوزي.
- شرح مختصر الروضة، للطوفي، مؤسسة الرسالة، طبع: 1407هـ.
- كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، دار الكتب العلمية، طبع: 1418هـ.
- المحصول في علم الأصول، للرازي، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، طبع:
1400هـ.


فهرس الموضوعات:

الموضوع الصفحة
المقدمة 2
أسباب اختيار الموضوع 3
خطة البحث 3-4
منهج دراسة المسألة 4
التمهيد 5
تحرير محل النـزاع 6
أقوال العلماء في المسألة 7
أدلة الأقوال مع مناقشتها 8
الراجح من الأقوال 11
سبب الخلاف، وثمرته 12
الفروع الفقهية المترتبة على المسألة 13- 16
فهرس المصادر والمراجع 17
فهرس الموضوعات 18
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أصول الفقه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أصول الفقه
» أصول الفقه
» أصول الفقه
» أصول الفقه
» أصول الفقه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى السعادتين :: منتدى العلوم الاسلامية :: الفقه وأصوله-
انتقل الى: