منتدى السعادتين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زائري العزيز اذا كانت هذه اول زيارة لك فتفضل بالتسجيل معنا لنستفيد منك وتستفيد منا
وشكرا

مع تحيات
سعيد الله بشرزو
منتدى السعادتين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زائري العزيز اذا كانت هذه اول زيارة لك فتفضل بالتسجيل معنا لنستفيد منك وتستفيد منا
وشكرا

مع تحيات
سعيد الله بشرزو
منتدى السعادتين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى السعادتين

(سعادة الدنيا والآخرة)
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الشفاعة، أنواعها، وشروطها، وطلبها.

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
بشرزي
المشرف العام
المشرف العام
بشرزي


ذكر

عدد المساهمات : 56
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 18/02/2011

الشفاعة، أنواعها، وشروطها، وطلبها. Empty
مُساهمةموضوع: الشفاعة، أنواعها، وشروطها، وطلبها.   الشفاعة، أنواعها، وشروطها، وطلبها. Icon_minitimeالأربعاء 28 ديسمبر 2016, 10:17 am

الشفاعة:


(الشين، والفاء، والعين) أصل صحيح يدل على مقارنة شيئين، وضم الشيء إلى مثله، ومن ذلك الشفع خلاف الوتر، والشفعة في الدار ونحوها( )[1].
وقيل: الشفع ضم الشيء إلى مثله( )[2]، ومنه الشُفعة، وهي:"أن تشفَع فيما تطلب، فتضمه على ما عندك" ( )[3].
فالشفاعة: انضمام الرجل إلى آخر ناصراً له وسائلاً عنه، ويكثر استعمالها في انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو أدنى( )[4].
فكلام الشافع للملِك في حاجة يسألها لغيره شفاعةٌ( )[5]، والشافع غالبا يكون أعلى مرتبة وحرمة عند الملك من هذا المشفوع له.

الشفاعة  شرعا :

((سؤال فعل الخير وترك الضر عن الغير لأجل الغير على سبيل الضراعة، ولا تستعمل لغة إلا بضم الناجي إلى نفسه مَنْ هو خائف من سطوة الغير"( )[6]، وقيل: ((ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك)) ( )[7]، وقيل: ((سؤال الخير للغير))( )[8].
إن تعريفات العلماء للشفاعة متقاربة المعنى، لأنها كلها تشير إلى أن الشافع يضم نفسه في طلب الخير للمشفوع له، وهي عن طريق التضرع والسؤال لا عن طريق القهر والغلبة، وفي الشفاعة كما أن الشافع يضم نفسه إلى المشفوع له في طلب مراده وحصوله، كذلك الشافع يضم نفسه إلى المشفوع إليه.
قال ابن أبي العز الحنفي -رحمه الله-: إن الشفيع عند البشر كما أنه شافع للطالب شفعهُ في الطلب بمعنى أنه صار شفعا فيه بعد أن كان وترا، فهو أيضا قد شفّع المشفوع إليه، وبشفاعته صار فاعلا للمطلوب، فقد شفّع الطالب والمطلوب منه، والله تعالى وتر لا يشفعه أحد، فلا يشفع عنده أحد، إلا بإذنه {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: ٢٣]فالأمر كله له فلا شريك له بوجه( )[9] قال الله تعالى: { قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزمر: ٤٤].

أنواع الشفاعة عامة.


تنقسم الشفاعة عامة إلى نوعين:

1-شفاعة المخلوقين بينهم.


وهذه الشفاعة على نوعين: جائزة، وممنوعة.
النوع الأول (الجائزة): ما يكون في مقدور العبد واستطاعته القيام به، فهذه جائزة بشرطين :
1) أن تكون في شيء مباح، فلا تصح الشفاعة في شيء يترتب عليه ضياع حقوق الخلق أو ظلمهم، كما لا تصح الشفاعة في تحصيل أمر محرم. كمن يشفع لأناس قد وجب عليهم الحد أن لا يقام عليهم، قال تعالى: ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائده:2 ].
2) أن لا يعتمد بقلبه في تحقيق المطلوب ودفع المكروه إلا على الله وحده، وأن يعلم أن هذا الشافع لا يعدو كونه سببا أَذِنَ الله به، وأن النفع والضر بيد الله وحده ، وهذا المعنى واضح جدا في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا تخلف أحد هذين الشرطين صارت الشفاعة ممنوعة منهيا عنها.
النوع الثاني (الممنوعة): وهي ما لا يكون في مقدور العبد ، وطاقته ووسعه كطلب الشفاعة من الأموات وأصحاب القبور، أو من الحي الغائب معتقدا أن بمقدوره أن يسمع وأن يحقق له طلبه فهذه هي الشفاعة الشركية التي تواردت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بنفيها وإبطالها لما فـي ذلك مـن وصفهم بصفات الخالق عز وجل ، لأن من صفاته عز وجل أنه هو الحي الذي لا يموت .
وشبهة هؤلاء أنهم يقولون: إن الأولياء والسادة يشفعون لأقاربهم، ولمن دعاهم، ولمن والَاهم، ولمن أحبهم، ولأجل ذلك يطلبون منهم الشفاعة، وهذا بعينه هو ما حكاه الله عن المشركين الأولين حين قالوا: (هؤلاء شفعاؤنا عند الله) [يونس/18] يعنون معبوداتهم من الملائكة، ومن الصالحين، وغيرهم ، وأنها تشفع لهم عند الله .
وكذلك المشركون المعاصرون يقولون: إن الأولياء يشفعون لنا، وإننا لا نجرؤ أن نطلب من الله بل نطلب منهم وهم يطلبون من الله، ويقولون: إن النبي  وسائر الأنبياء والصالحين أعطاهم الله الشفاعة، ونحن ندعوهم ونقول: اشفعوا لنا كما أعطاكم الله الشفاعة. ويضربون مثلاً بملوك الدنيا فيقولون: إن ملوك الدنيا لا يوصل إليهم إلا بالشفاعة إذا أردت حاجة فإنك تتوسل بأوليائهم ومقربيهم من وزير وبواب وخادم وولد ونحوهم يشفعون لك حتى يقضي ذلك الملك حاجتك، فهكذا نحن مع الله تعالى نتوسل ونستشفع بأوليائه و بالسادة المقربين عنده، فوقعوا بهذا في شرك السابقين ، وقاسوا الخالق بالمخلوق.
والله تعالى ذكر عن الرجل المؤمن في سورة يس قوله: (أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً)[يس:23]، وذكر الله تعالى أن الكفار اعترفوا على أنفسهم بقولهم: (قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين) [المدثر:43-48].
والنبي صلى الله عليه وسلم وإن أعطي الشفاعة يوم القيامة ، إلا أنه لن يتمكن منها إلا بعد إذن الله تعالى، ورضاه عن المشفوع له.
ولهذا لم يدعُ صلى عليه وسلم أمته لطلب الشفاعة منه في الدنيا، ولا نقل ذلك عنه أحد من أصحابه رضي الله عنهم، ولو كان خيرا، لبلَّغه لأمته، ودعاهم إليه، وسارع إلى تطبيقه أصحابه الحريصون على الخير، فعُلم أن طلب الشفاعة منه الآن منكر عظيم؛ لما فيه من دعاء غير الله، والإتيان بسبب يمنع الشفاعة، فإن الشفاعة لا تكون إلا لمن أخلص التوحيد لله.

2-شفاعة المخلوق عند الخالق، وهي على نوعين:


أ -في الدنيا.
ب- في الآخرة.
أ-الشفاعة عند الله في الدنيا فهي تكون بالدعاء للمشفوع له، سواء كان المشفوع له حيا أو ميتا، وسواء كانت الشفاعة في أمور الدنيا، أو أمور الآخرة، بشرط أن يكون الشافع حيا، لأن الشفاعة لا تتصور من الميت.
ومن أمثلة شفاعة الحي للحي في أمور الدنيا والآخرة: دعاء النبي  لأنس بن مالك  بقوله: ((اللهم! أكثر ماله وولده، وأطل حياته، واغفر له)) قال أنس : فدعا لي بثلاث، فدفنت مائة وثلاثة، وإن ثمرتي لتطعم في السَّنَة مرتين، وطالت حياتي حتى استحييت من الناس، وأرجو المغفرة( )[10].
ومن أمثلة شفاعة الحي للميت عند الله في أمور الآخرة حديث: ((ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يَشْفَعُونَ له إلا شُفِّعُوا فيه))( )[11]، وفي رواية: ((ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا، لا يشركون بالله شيئا إلا شفّعهم الله فيه)) ( )[12].
ب-الشفاعة عند الله في الآخرة: وهي تكون بدعاء الشافع وسؤاله التجاوز عن سيئات المشفوع له، أو رفع مرتبته إلى الدرجة الأعلى( )[13].
والشفاعة عند الله في الآخرة جائزة إذا توفرت فيها شروطها، وممنوعة إذا لم تتوفر فيها الشروط.
وشروط الشفاعة منها ما يشترط في الشافع، ومنها ما يشترط في المشفوع له.

أما شروط الشافع فهي ثلاثة:


1-أن يرضى الرب عنه.
2-أن يأذن الله له.
3- أن يحد له حدا، أي يُعَيِّنَ له من يشفع في حقه.
ودليل الأول: قوله تعالى:{ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه: ١٠٩].
ودليل الشرط الثاني: قوله تعالى:{ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس: ٣ ] وقوله تعالى: { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِه} [البقرة: ٢٥٥]  قال ابن كثير -رحمه الله-: ((وهذا من عظمته وجلاله، وكبريائه  أن لا يتجاسر أحد أن يشفع لأحد، إلا بإذنه له في الشفاعة))( )[14].
ودليل الشرط الثالث: حديث الشفاعة وفيه ((فيأتونني فأنطلق فأستأذن على ربي، فإذا رأيته وقعت له ساجدا، فيَدَعُنِي ما شاء الله، ثم يقال لي: ارفع رأسك. وسل تعطه، وقل يسمع، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمني، ثم أشفع، فيحد لي حدا، ثم أخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أرجع ...))( ) [15]ثلاث مرات أو أربع .

الشرط في المشفوع له:

يشترط في المشفوع له أن يكون من المؤمنين الموحدين، ولا يكون من المشركين والدليل على ذلك قوله تعالى في شأن الملائكة:{ وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: ٢٨]  وقوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: ٢٦]  ومعلوم أن الله لا يرضى عن المشرك.
فالحاصل أن الشفاعة عند الله ليست كالشفاعة عند البشر فإن الشفيع عند البشر، يشفع من دون إذن المشفوع إليه، بخلاف الشفاعة عند الله . فلا يشفع عنده أحد، إلا بإذنه فالأمر كله إليه، فلا شريك له بوجه. وسيد الشفعاء يوم القيامة، إذا سجد وحمد الله تعالى، قال له اللهُ: ((ارفع رأسك وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع)) فيحد له حدا فيدخلهم الجنة، فالأمر كله لله كما قال تعالى: { قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّه} [آل عمران: ١٥٤]
وفي الصحيح أن النبي  قال: ((يا بني عبد مناف! لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباسُ بن عبد المطلب! لا أغني عنك من الله شيئا، ويا صفية عمة رسول الله  !لا أغني عنكِ من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد  !سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئا))( )[16] وفي رواية: ((يا فاطمة أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لكم من الله شيئا)) ( )[17]فإذا كان سيد الخلق وأفضل الشفعاء يقول لأخص الناس به: ((لا أملك لكم من الله من شيء)) فكيف يملك غيره لغيرهم شيئا؟ ( )[18].


أنواع الشَّفاعة في الآخرة:



1- الشَّفاعة العظمى.


وهي أول شفاعة، تكون بعد البعث والحشر، ووقوف الناس في موقف القيامة، حتى يشفع فيهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي شفاعة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتقدم الكلام عليها بأدلتها.

2- شفاعته صلى الله عليه وسلم بدخول أهل الجنة الجنة.


دلَّ عليها: حديث أنس رضي الله عنه قال: قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ يَشْفَعُ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَا أَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ تَبَعًا»( )[19]، وفي رواية: « فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ: الْخَازِنُ مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لاَ أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ»( )[20].

3- شفاعته صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب بأن يخفف عنه العذاب.


وذلك لأن أبا طالب مات كافرًا، فلا يخرج من النار، ولكن بشفاعة النَّبي صلى الله عليه وسلم يخفف عنه من العذاب.
ويدل على ذلك: حديث أبي سعيد رضي الله عنه، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، فَقَالَ: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِى مِنْهُ دِمَاغُهُ»( )[21]، وفي رواية: «وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ»( )[22].
وهذه الأنواع الثلاثة السابقة خاصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.


4- الشفاعة في خروج الموحدين من النار.


دلَّ عليها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النَّبي قال صلى الله عليه وسلم: « يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ»( )[23].
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا»( )[24].
وحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي»( )[25]، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
والخوارج والمعتزلة ينكرون هذا النوع من الشفاعة؛ لأن مذهبهم أن صاحب الكبيرة يخرج من الإيمان، فالسارق والزَّاني وغيرهما من أهل الكبائر عندهم خرجوا من الإيمان، فلا تنفعهم الشفاعة، وقولهم قول باطل، مردود بالأدلة الكثيرة التي تخالف معتقدهم، ومن هذه الأدلة ما تقدَّم ذكره.

5- الشَّفاعة فيمن استحق النار ألا يدخلها.


وهذه من أنواع الشفاعة التي يذكرها أهل العلم، وقد يستدل لها بحديث ابن عباس رضي الله عنه قال النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لاَ يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا؛ إِلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ»( )[26].

6- الشَّفاعة في رفع درجات أقوام من أهل الجنة.


وهذه قد تكون بفضل ما جعله الله من دعاء المؤمنين بعضهم لبعض، كما في حديث أم سلمة ودعاء النَّبي صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة حين توفي فقال صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ»( )[27].
وهذه الأنواع الثلاثة ليست خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، بل لسائر الأنبياء، والصديقين، والمؤمنين.

7- شفاعة النَّبي في قوم من أمته يدخلون الجنة بغير حساب، ولا عذاب.


كشفاعة النَّبي صلى الله عليه وسلم لعكاشة بن محصن رضي الله عنه أن يجعله من السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، ولا عذاب، كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين( )[28].

ومن أهل العلم من يزيد نوعًا ثامنًا؛

وهي: الشفاعة فيمن استوت حسناتهم وسيئاتهم، وهم أهل الأعراف.
ومن الشفاعة ما تكون من الأنبياء، والمؤمنون، والشهداء، والصالحون، والملائكة على قدر مراتبهم، ومقاماتهم عند ربهم، فالشهيد مثلًا يشفع في سبعين من أهل بيته، كما ورد عند أبي داود وابن حبان( )[29].

طلب الشفاعة الأخروية:


1- طلبها من الله، كأن نقول: اللهم شفّعْ فينا خاتم النبيين، فهذا طلب صحيح ودعاء مشروع، لأن الشفاعة لله جميعا.
2- طلبها في هذه الحياة ممن علم أنه من أهلها وهو حي حاضر، كأن يقول الصحابي: يا رسول الله! أسألك الشفاعة غدا. وهذا أيضا صحيح؛ لحديث أنس  أنه سألها من رسول الله  فقال: ((أنا فاعل))( )[30].
ولا يجوز هذا الطلب من غير الرسول، كما لا يجوز لغير الرسول الوعد بها؛ لأن ذلك يتوقف على العلم بالإذن بها للمطلوب منه، وكونه هو والطالب من أهل الجنة، ولا يجزم بشيء من ذلك إلا بالوحي، ولا يتصور ذلك كله إلا للنبي   فقط.
3- طلبها من الشفيع يوم القيامة، وهو جائز وثابت بحديث الشفاعة الطويل في الموقف وغيره حيث يطلبونها الناس من آدم ، ثم من إبراهيم ، ثم من موسى ، ثم من عيسى ، ثم من محمد ...
4- طلبها اليوم ممن انتقل إلى عالم البرزخ، فهذا لا يجوز، وذلك لأمور( )[31]:
أ‌- لم ينقل عن الصحابة ، ولا عن الأئمة الأربعة، ولا من غيرهم من أئمة المسلمين طلب الشفاعة من النبي  بعد وفاته ، وغير النبي  من البشر كلهم دونه، فلا يجوز طلب الشفاعة منه بطريق أولى؛ لأن في ذلك مفاسد كثيرة منها: اعتقاد علم الغيب للمدعو. والجزم له بالجنة، والجزم له بالإذن من الله في الشفاعة، وإدخال طالب الشفاعة في المأذون فيهم، وكل هذه من لوازم الشرك.
ب‌- اتفق أهل السنة على أن للنبي  أنواعا من الشفاعة، ولم يذكر أحد منهم شفاعة النبي  لأمته أو طلبها منه في قبره، بل كلها في يوم القيامة، فهذا إجماع من أهل السنة، ولا يجوز خلاف إجماعهم.
ت‌- قال النبي : ((أنا أول شافع، وأول مشَفَّع))( )[32]،فلو قلنا: إن النبي  يشفع لأمته في قبره، والصالحون من الأولياء يشفعون بعد موتهم في قبورهم، لم يبق معنىً لقوله: ((أنا أول شافع))، ولو كان  يشفع في قبره، لانتفى خصوصيته بهذه الفضيلة يوم القيامة!
ث‌- الشفاعة دعاء، وطلب الدعاء مأذون فيه من الحي القادر، والميت غير قادر على ذلك، وإذا سألته أن يدعو لك فذلك شرك، ولو كان دعاء النبي  أو غيره من الصالحين لهم بعد وفاتهم مقدورا مستديما، كما كان في حياتهم؛ فلأي مانع لم يطلب صحابة رسول الله  منه، أن يدعو لهم، ولم عدلوا عنه إلى عمه العباس ليستسقي لهم، والصحابة أعلم الناس، وأحرصهم على الخير، وكان حالهم أدعى إلى طلب الدعاء منه، فإذا لم يفعلوا دل على أن ذلك لا يجوز.
فـالاستشفاع بالمخلوق الذي لا يملك الدعاء، كالميت، أو الغائب، أو نحوهما: شرك؛ لأنه طلبٌ ودعاءٌ لغير الله.
فهذا التوسل -بحسب العرف- هو من البدع المحدثة، ومن وسائل الشرك، وأما طلب الشفاعة من غير الله؛ فهو دعاء غير الله، وهو شرك أكبر( )[33].
قال محمود الألوسي الحنفي -رحمه الله-: ((الالتجاء بطلب الشفاعة ورجائها: عبادة، لا تصلح إلا لله، وهي حقه على خلقه بصفة ربوبيته، وتفضله ورحمته، لا ينبغي أن يصرف منها شيء لغيره، فمن صرف شيئا من حق الله لغيره؛ فقد أشرك شرك الأولين))( )[34].
((والخلاصة: أن الشفاعة دعاء، وهي طلب الدعاء -أيضا- وقد سبق أن قررنا أن كل دليل ورد في الشرع على إبطال أن يُدعَى مع الله -جل وعلا- إله آخر، فإنه يصلح أن يكون دليلا على إبطال الاستشفاع بالموتى الذين غابوا عن دار التكليف؛ لأن حقيقة الشافع -كما تقدم آنفا- أنه طالب. ولأن حقيقةَ المستشفِع أنه طالب أيضا، فالشافع في ظن المستشفع يدعو، والمستشفع يدعو من أراد منه الشفاعة، يعني: إذا أتى آتٍ إلى قبر نبيٍ، أو قبر وليٍ أو نحو ذلك، فقال: أستشفع بك، أو أسأل الشفاعة، فمعناه أنه طلب منه، ودعا أن يدعو له؛ فلهذا كان صرفها، أو التوجه بها إلى غير الله- جل وعلا- شركا أكبر؛ لأنها في الحقيقة دعوة لغير الله، وسؤال من هذا الميت، وتوجه بالطلب والدعاء منه))( )[35].
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.




++++++++==========+++++++++


الهوامش


( )[1] المقاييس في اللغة لابن فارس ص: 531، المفردات للراغب ص: 457.
( )[2] يُنظر: المفردات للراغب ص: 457.
( ) [3]القاموس المحيط للفيروزآبادي ص: 677.
( ) [4]يُنظر: المفردات للراغب ص: 458.
( )[5] يُنظر: لسان العرب لابن منظور 5/145.
( ) [6]الكليات للكفوي ص: 536.
( ) [7]تفسير القرطبي 2/76عند تفسير الآية (48) من البقرة، و6/484 وعند الآية (85) من النساء.
( )[8] لوائح الأنوار السنية للسفاريني 2/246، والتعريفات لسعد آل الشيخ ص:212.
( )[9] يُنظر: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص: 300.
( )[10] أخرجه البخاري في الأدب المفرد كتاب الأذكار باب من دعا بطول العمر، وقال الشيخ الألباني: صحيح. يُنظر: صحيح الأدب المفرد للألباني ص: 243(ح 508).
( ) [11]صحيح مسلم مع شرحه للنووي كتاب الجنائز باب من صلى عليه مائة 7/20(ح2195).
( ) [12]صحيح مسلم مع شرحه للنووي كتاب الجنائز باب من صلى عليه مائة 7/21(ح2196).
( ) [13]الشرك ومظاهرة لمبارك الميلي ص: 322.
( )[14] تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/440.
( ) [15]صحيح البخاري كتاب الرقاق باب صفة الجنة والنار (ح6565) ونحوه صحيح مسلم كتاب الإيمان باب حديث الشفاعة (ح474).
( )[16] صحيح البخاري مع فتح الباري لابن حجر كتاب التفسير 8/636(ح4771).
( ) [17]صحيح مسلم مع شرحه للنووي كتاب الإيمان 3/75 (ح500).
( ) [18]شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص:(300-302)بتصرف يسير.
( )[19] رواه مسلم برقم (196).
( )[20]رواه مسلم برقم (197).
( )[21]رواه البخاري برقم (3885)، رواه مسلم برقم (210).
( )[22]رواه البخاري برقم (3883)، رواه مسلم برقم (209).
( )[23]رواه البخاري برقم (44).
( )[24] رواه مسلم برقم (199).
( ) [25]رواه أحمد برقم (13222)، رواه أبو داود برقم (4739).
( )[26] رواه مسلم برقم (948).
( )[27]رواه مسلم برقم (920).
( )[28]رواه البخاري برقم (5705)، رواه مسلم برقم (216).
( )[29]رواه أبو داود برقم (2522)، رواه ابن حبان (10 /517).
( ) [30]الحديث أخرجه الترمذي في سننه كتاب صفة القيامة والرقائق باب ما جاء في شأن الصراط ص: 548 (ح2433)، والإمام أحمد في مسنده 3/178وقال الألباني: صحيح. يُنظر: صحيح سنن الترمذي له2/578(ح2433).وقال محققو المسند: رجاله رجال الصحيح ومتنه غريب. ينظر المسند المحقق بإشراف الأرنؤوط20/210(ح12825).
( )[31] يُنظر: ((هذه مفاهيمنا)) لصالح بن عبد العزيز آل الشيخ ص:148 وما بعدها.
( ) [32]صحيح مسلم مع شرحه للنووي كتاب الفضائل باب تفضيل نبينا  على جميع الخلائق 15/39 (ح5899).
( )[33] ينظر: ((أسئلة وفوائد)) الملحقة بالتمهيد لشرح كتاب التوحيد لصالح آل الشيخ ص:620
( )[34] فتح المنان تتمة منهاج التأسيس، رد صلح الإخوان لمحمود الألوسي الحنفي ص: 466، ويُنظر: جلاء العينين في محاكمة الأحمدين لنعمان ابن الألوسي الحنفي ص:509
( )[35] التمهيد لشرح كتاب التوحيد لصالح آل الشيخ ص:213.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.saadatyn.yoo7.com
أبو سعيد بشرزي33
المدير العام
المدير العام



ذكر

الجدي

عدد المساهمات : 31
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/02/2011
العمر : 48
الموقع : منتدى السعادتين

الشفاعة، أنواعها، وشروطها، وطلبها. Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشفاعة، أنواعها، وشروطها، وطلبها.   الشفاعة، أنواعها، وشروطها، وطلبها. Icon_minitimeالأحد 17 نوفمبر 2019, 9:10 pm

ما شاء الله تبارك الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.saadatyn.yoo7.com
 
الشفاعة، أنواعها، وشروطها، وطلبها.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى السعادتين :: منتدى اللغات (اللغة العربية واللغات غير العربية) :: البحوث والمقالات باللغة العربية في التوحيد وغيره-
انتقل الى: