الفرع العاشر: الاعتماد على القصص والحكايات والاستدلال بها.
يستدل بعض الناس على كثير من الانحرافات العقدية المتعلقة بتوحيد العبادة وغيره بالقصص وقد ألفت فيها كتب مستقلة -وما أكثرها!!- بأحجام كبيرة وصغيرة، وأحيانا يفردون للقصص والحكايات أبوابا وفصولا في مصنفاتهم، يقرأها أئمة المساجد والخطباء على المنابر وأكثر تلك الحكايات والقصص تروى بصيغة التمريض(يُروى, قيل، نُقل، وفي الكتاب، سمعت من بعض الأكابر)وغيرها من الصيغ التي تدل على عدم وجود السند عمن يذكرون عنهم القصص والحكايات( )[1].
ومن أمثلة ذلك ما يحكونه في التوكل: أن رجلا جاع في الصحراء وليس معه شيء فقال: يا رب! أين رزقك الذي وعدتني به؟ فرزقه الله الشبع من حيث لم يحتسب( )[2].
ومنها: (يحكي أحدُ الأكابر أن امرأة من أولياء الله كانت تمشي لوحدها، ودون القافلة، فَظَنَنْتُ أنها تمشي لوحدها لعدم الفلوس عندها، وهي تخاف على نفسها إن تأخرت من القافلة؛ فذهبتُ إليها، وأخرجتُ لها بعض الأموال من جَيْبِـي لأعطيها، وقلت لها إذا وقفت القافلة، سأجمع لكِ مزيدا من الأموال عن أهل القافلة وأعطيها لكِ، فرفعَتْ يديها في الهواء وجمعَتْها، فلما فتحتهما، فإذا هما مليئتان من الفلوس، وقالت لي: أنتم تأخذون الفلوس من جيوبكم، ونحن نأخذها من خزانة الغيب)!( )[3].
انظر في القصة المذكورة، كم فيها من مخالفات شرعية؟! وانحرافات عقدية؟! من أبرزها سفر المرأة بدون محرم، وهي تسافر إلى الحج بدون زاد، وتخلو مع الرجل خلوة لا أحد غيرهما، وتتصرف في خزائن الغيب، فكل هذه القصص وغيرها تسبب الانحرافات في التوكل، وعدم الأخذ بالأسباب التي هي من التوكل، وسيأتي تفصيل الرد على ذلك في فصل التوكل إن شاء الله.
الهوامش:
( ) [1]ومن تلك الكتب، كتاب أحسن الحكايات ترتيب عاصم عبد الله ترجمة محمد خليل، و((حكايات عجيبة)) لقليوبي ترجمة محمد أمير نعماني,((جواهر پارے)) لمحمد يوسف قريشي، و ((دخداے نيازبين)) تأليف فقير محمد عباس قادرية، و((جنگنامه زيتون)) تصنيف ملا رحمت، وغيرها من الكتب المؤلفة في القصص.
( )[2] تعليم الرفق لمحمد موسى ديره غازي خاني ص:94.
( ) [3]((جواهر پارے)) لمحمد يوسف قريشي ص:66-67.
الموضوع مأخوذ من كتاب موقف الإسلام من الانحرافات المتعلقة بتوحيد العبادة. تأليف أبي سعيد عبد الرزاق بن محمد بشر (ج1 ص:120-122).
الأحد 22 ديسمبر 2013, 9:05 am