توحيد الأسماء والصفات من أعظم الأصول التي بينها الرسول أتم البيان
الأدلة على أن الرسول بيّن توحيد الأسماء والصفات أتم البيان ما يلي:
1- قال الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) [المائدة: ٣] ومعرفة الرب وأصول الاعتقاد هي الأصل في الدين، فلا يعقل أن يبين الله لأمة كيفية العبادة ولا يبين لها من تعبد.
2- قال تعالى(يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيءفردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا [النساء: ٥٩ ] فأمر الله بطاعته وطاعة رسوله وولاة الأمر، وأمر بالرد عند التنازع إليه وإلى رسوله، قال مجاهد وغيره : (أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله)[تفسير ابن كثير]، فلا بد أن يكون الحل لكل مسألة -المتنازع فيها- في الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، إذ لا يمكن أن يلزمنا ربنا على الرجوع إلى شيء عند المنازعة ولا يكونه فيه الحل للمنازعة.
3- قال تعالى(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف الرحيم) [التوبة: ١٢٨] ولا يمكن مع حرصه على أمته أن لا يبين ما فيه سعادتهم وقرة عيونهم في الدنيا والآخرة، وهو معرفة ربهم -سبحانه وتعالى- وما يستحق من صفات الكمال. (الفتوى الحموية).
4- عن سلمان الفارسي أنه قيل له: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ فقال أجل! لقد نهانا أن نستقبل القبلة الغائط أو بول...(أخرجه مسلم) فكيف يعقل أنه يعلم الأمة كيفية قضاء الحاجة ولا يبين لهم أعظم من ذلك بكثير وهو صفات الرب وأسماءه التي يتعبد بها العبد، ويتعرف على جلالة قدر المعبود.
5- عن ذر قال: تركنا رسول الله وما من طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكر منه علما، قال: فقال رسول الله : ((ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيّن لكم)) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير وصححه الألباني في السلسلة برقم(1803). ومما يقرب إلى الجنة ويباعد من النار معرفة أسماء الله وصفاته والعلم بمعانيها الدالة على عظم رحمته على عباده المؤمنين، وشدة بأسه وعقابه للكافرين.
6- ذكر في القرآن الكريم والسنة أخبار الأمم السابقة، والأمور يوم القيامة، وذكر النمل والطير والدواب وغير، وذكر ما يتعلق بتكوين الإنسان أصله وكيفية أطواره في بطن أمه...فكيف يمكن مع هذا أن لا يعرّف بالرب الخالق من ناحية أسمائه وصفاته وأفعاله هذا لا يمكن أن يجمع مع قوله تعالى
ما فرطنا في الكتاب من شيء) [الأنعام: ٣٨]، وقوله تعالى
ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) [النحل: ٨٩].
7- إن الوحي لم ينـزل إلا لتعريف الخلق بالخالق وحقوقه وجزاء المطيعين والعاصين قال تعالى(الله الذي خلق سبع السموات ومن الأرض مثلهن يتنـزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله بكل شيء علما) [الطلاق: ١٢] فختم قوله ببعض الأسماء الدالة على صفاته العلى، بل إن أول آية من القرآن نزلت تضمنت التعريف بالرب قال تعالى
اقرأ باسم ربك الذي خلق 1 خلق الإنسان من علق 2 اقرأ وربك الأكرم 3 الذي علم بالقلم 4 علم الإنسان ما لم يعلم) [العلق: ١ – ٥]، فكيف يمكن أن يخلو القرآن والسنة مما يعرف الناس ربهم.
8- العبد مأمور بعبادة المعبود الحق دون المعبودات الباطلة ولا سبيل للعابد أن يعرف المعبود الحق إلا عن طريقه هو بواسطة الرسل، والله أرسل الرسل للناس ليعرفوا الخالق فيعبدوه، قال النبي : إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم(مسلم)، والرسول إما أن يكون قد علم أسماء الله وصفاته التي هي أصل كل خير وعرف هذا الباب (باب أسماء الله وصفاته) أو لا، فمن قال جهله فقد كفر (إذ زعم أن الرسول لم يعرف المعبود الحق)، ومن قال علمه فلا يخلو إما بلغ للناس أو كتمه، فمن قال كتمه كفر (لأنه اتهم الرسول بعدم التبليغ وعدم أداء الأمانةوقد قال الله تعالى
، ومن قال أنه بلغ وهو القول الحق.
يراجع للمزيد مجموع فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية (5/6-25) .