اتباع الهوى والطمع المادي والمعنوي

الفرع الثاني عشر: اتباع الهوى والطمع المادي والمعنوي
الهوى: هو ميل النفس إلى ما تستلذه الشهوات من غير داعية الشرع( )[1].
واتباع الهوى أساس كل فتنة، ونقطة بداية الانحراف عن الصراط المستقيم، وهو سمة بارزة في جميع أهل البدع، ويستوي في اتباع الهوى العلماء وغيرهم، وأهل العلم من المبتدعة كثيرا ما يعرضون عن الحق مع علمهم به، ويكتمونه اتباعا لما تهواه نفوسهم, وتطلبه شهواتهم، وطمعا في منصب مرموق، أو مال مرزوق؛ فيقولون في دين الإسلام ما لم ينـزل الله تعالى به سلطانا مبينا، ويكتمون الحق، ويفتي بما تهواه نفوسهم طمعا في أعراض الدنيا.
ومن أمثلة ذلك: ما يأكلونه من أموال الأيتام باسم ((حيلة الإسقاط))( )[2]، والتصدق بالحلوى، والهريسة وغيرها عن الميت إلي اليوم السابع من وفاته( )[3]، أو ذبح حيوان عند موته وطبخه مع الأرز أو شيء آخر ونَقْلُه مع الميت إلى المقبرة( )[4]، وإن كانت الورثة فقراء فيستدينون أموالاً ولو بالربا( )[5].
وهذه الانحرافات التي سببها الطمع المادي أو المعنوي، قد تتسبب إلى انحرافات أخرى التي هي أخطر وأوسع وأعم من الأولى ومثال هذا ما قاله الشيخ المفتي محمد شفيع( )[6]: ولو صح جميع الشروط[التي يذكرونها لصحة حيلة الإسقاط]ففعلها بالالتزام لكل ميت إحداث في الدين, ومن حيث المعنى هي ترميم وزيادات في الدين(نعوذ بالله منها).
ثم قال: والالتزام بهذه الحيلة يوجد في بعض الأفراد الجهال الجُرْأةَ على عدم أداء الصلوات في جميع عمره، وأن لا يصوم، ولا يؤدي الحج ولا الزكاة، ولا يعطي الكفارات، ولا النذور؛ [لاعتقاده أنه] بعد موته، سيحصل له، جميع تلك الفوائد مقابلَ دراهمَ معدودة، وفي الحقيقة ترويج هذه الحيلة، يهدم أسس دين الإسلام المقدس( )[7].
كل هذه الانحرافات وغيرها مما لا يجوز شرعا، سببها اتباع الهوى والطمع في أموال الناس.

الهوامش:

( ) [1]الكليات للكفوي ص: 962.
( ) [2]حيلة الإسقاط: سموها بهذا الاسم، لظنهم أن بهذه الحيلة تسقط الذنوب عن الميت، وسيأتي بيان كيفيتها، وحكمها مفصلا في الباب الثالث فصل الصدقات والقرابين. ص: 869، و909.
( ) [3]البصائر لمنكري التوسل بأهل المقابر للداجوي ص: (207)، درر الفرائد لغلام حيدر ص(175)، أنوار الإيمان لحافظ مطيع الله ص:(859، 860861، 864، 867).
( ) [4]الأكل من بيت أهل الميت في ميزان السنة والكتاب لعبد الصبور ص:(22).
( ) [5]((ناروا بدعتونه)) لأحمدزئي ص:(73).
( )[6] محمد شفيع: هو محمد شفيع بن محمد ياسين الحنفي الديوبندي ولد في منطقة سهارنفور ، عام1897م وتعلم في مدرسة ديوبند، وتخرج فيها، وتولى منصب الإفتاء فيها، ثم جاء إلى بلدته باكستان، وتولى منصب الإفتاء فيها –أيضا- ومن مؤلفاته: السنة والبدعة، بلغة الأردو، وترجم إلى لغة البشتو أيضا، وأحكام القرآن باللغة العربية، توفي سنة(1396هـ1976م) يُنظر Sad

(أكابر علماء ديوبند)) لمحمد أكبر شاه البخاري ص208.
( ) [7]((ناروا بدعتونه)) لأحمدزئي ص: 73، محيلا إلى كتاب((سنت وبدعت)) لمحمد شفيع ص:64.
الموضوع مأخوذ من كتاب موقف الإسلام من الانحرافات المتعلقة بتوحيد العبادة. تأليف أبي سعيد عبد الرزاق بن محمد بشر (ج1 ص:123-124).